المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

52- إنَّ عادة هؤلاء المشركين وشأنهم في الكفر ، كشأن الفراعنة وسائر العتاة من قبلهم . جحوداً منهم بآيات الله ، فعذبهم الله على ذنوبهم ، وهو غير ظالم لهم إنَّ الله قوى في تنفيذ حكمه ، شديد المجازاة لمن يستحق عقابه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

41

وننتقل من هذه الوقفة الخاطفة ، مع السياق في انتقاله إلى تقرير الحقيقة الكلية وراء هذا المشهد . . إن أخذ الذين كفروا بالمهانة والعذاب ، سنة ماضية لا تتخلف ولا تتبدل ؛ فهذا هو المصير المحتوم الذي جرت به السنة من قديم :

( كدأب آل فرعون والذين من قبلهم ؛ كفروا بآيات الله ، فأخذهم الله بذنوبهم ، إن الله قوي شديد العقاب ) . .

إن الله - سبحانه - لا يكل الناس إلى فلتات عابرة ، ولا إلى جزاف لا ضابط له . . إنما هي سنته يمضي بها قدره . . وما أصاب المشركين في يوم بدر ، هو ما يصيب المشركين في كل وقت ؛ وقد أصاب آل فرعون والذين من قبلهم :

( كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم ) . .

ولم يعجزوه - سبحانه - ولم يتخلف عنهم عقابه :

( إن الله قوي شديد العقاب ) .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

يقول تعالى : فعل هؤلاء المشركون المكذبون{[13089]} بما أرسلت به يا محمد ، كما فعل الأمم المكذبة قبلهم ، ففعلنا بهم ما هو دأبنا ، أي : عادتنا وسنتنا في أمثالهم من المكذبين من آل فرعون ومن قبلهم من الأمم المكذبة بالرسل ، الكافرين بآيات الله . { فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ } [ أي : بسبب ذنوبهم أهلكهم ، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر ]{[13090]} { إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ } أي : لا يغلبه غالب ، ولا يفوته هارب .


[13089]:في م: "المشركين المكذبين".
[13090]:زيادة من د، ك، م.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

{ كدأب آل فرعون } أي دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون وهو عملهم وطريقهم الذي دأبوا فيه أي داموا عليه . { والذين من قبلهم } من قبل آل فرعون . { كفروا بآيات الله } تفسير لدأبهم . { فأخذهم الله بذنوبهم } كما أخذ هؤلاء . { إن الله قوي شديد العقاب } لا يغلبه في دفعه شيء .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (52)

{ كدأب } خبر مبتدأ محذوف ، وهو حذف تابع للاستعمال في مثله ، فإنّ العرب إذا تَحَدَّثوا عن شيء ثم أتَوا بخبر دون مبتدأ عُلم أنّ المبتدأ محذوف ، فقُدّر بما يدل عليه الكلام السابق .

فالتقدير هنا : دأبُهم كدَأب آلِ فرعون والذين من قبلهم ، أي من الأمم المكذّبين برسل ربّهم ، مثل عاد وثمود .

والدأب : العادة والسيرة المألوفة ، وقد تقدّم مثله في سورة آل عمران . وتقدّم وجه تخصيص آل فرعون بالذكر . ولا فرق بين الآيتين إلاّ اختلاف العبارة ، ففي سورة [ آل عمران : 11 ] { كذبوا بآياتنا } وهنا { كفروا بآيات الله } ، وهنالك { والله شديد العقاب } [ آل عمران : 11 ] وهنا { إن الله قوي شديد العقاب } .

فأمّا المخالفة بين { كذبوا } [ آل عمران : 11 ] و { كفروا } فلأنَّ قوم فرعون والذين من قبلهم شاركوا المشركين في الكفر بالله وتكذيب رسله ، وفي جحد دلالة الآيات على الوحدانية وعلى صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فذُكِروا هنا ابتداء بالأفظع من الأمرين فعبّر بالكفر بالآيات عن جحد الآيات الدالّة على وحدانية الله تعالى ، لأنّ الكفر أصرح في إنكار صفات الله تعالى . وقد عقبت هذه الآية بالتي بعدها ، فذكر في التي بعدها التكذيب بالآيات ، أي التكذيب بآيات صدق الرسول عليه الصلاة والسلام ، وجَحد الآيات الدالّة على صدقه . فأمّا في سورة آل عمران [ 11 ] فقد ذكر تكذيبهم بالآيات ، أي الدالّة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم لأنّ التكذيب متبادر في معنى تكذيب المخبِر ، لوقوع ذلك عقب ذكر تنزيل القرآن وتصديق من صدق به ، وإلحاد من قصد الفتنة بمتشابهه ، فعبّر عن الذين شابَهوهم في تكذيب رسولهم بوصف التكذيب .

فأمّا الإظهار هنا في مقام الإضمار ، فاقتضاه أنّ الكفر كفر بما يرجع إلى صفات الله فأضيفت الآيات إلى اسم الجلالة ؛ ليدلّ على الذات بعنوان الإله الحَقّ وهو الوحدانية .

وأمّا الإضمار في آل عمران فلكون التكذيب تكذيباً لآيات دالّة على ثبوت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فأضيفت الآيات إلى الضمير على الأصل في التكلّم .

وأمّا الاختلاف بذكر حرف التأكيد هنا ، دونه في سورة آل عمران [ 11 ] ، فلأنّه قصد هنا التعريض بالمشركين ، وكانوا ينكرون قوّة الله عليهم ، بمعنى لازمها ، وهو إنزال الضرّ بهم ، وينكرون أنّه شديد العقاب لهم ، فأكّد الخبر باعتبار لازمه التعريضي الذي هو إبلاغ هذا الإنذار إلى من بقي من المشركين ، وفي سورة آل عمران [ 11 ] لم يقصد إلا الإخبار عن كون الله شديد العقاب إذا عاقب ، فهو تذكير للمسلمين وهم المقصود بالإخبار بقرينة قوله ، عقِبَه : { قل للذين كفروا ستغلبون } [ آل عمران : 12 ] الآية .

وزيد وصفُ « قوي » هنا مبالغة في تهديد المشركين المقصودين بالإنذار والتهديد . والقوي الموصوف بالقوة ، وحقيقتها كمال صلابة الأعضاء لأداء الأعمال التي تراد منها ، وهي متفاوتة مقول عليها بالتشكيك .

وقد تقدّم عند قوله تعالى : { فخذها بقوة } [ الأعراف : 145 ] . وهي إذا وصف الله بها مستعملة في معناها اللزومي وهي منتهى القدرة على فعل ما تتعلّق به إرادته تعالى من المُمْكنات . والمقصود من ذكر هذين الوصفين : الإيماء إلى أنّ أخذهم كان قوياً شديداً ، لأنّه عقابُ قوي شديد العقاب ، كقوله : { فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر } [ القمر : 42 ] ، وقوله : { إن أخذه أليم شديد } [ هود : 102 ] .