في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَيۡنَ تَذۡهَبُونَ} (26)

ويسألهم مستنكرا : ( فأين تذهبون ? ) . . أين تذهبون في حكمكم وقولكم ? أو أين تذهبون منصرفين عن الحق وهو يواجهكم أينما ذهبتم !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَأَيۡنَ تَذۡهَبُونَ} (26)

وقوله : { فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ } ؟ أي : فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن ، مع ظهوره ووضوحه ، وبيان كونه جاء{[29795]} من عند الله عز وجل ، كما قال الصديق ، رضي الله عنه ، لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين ، وأمرهم فتلوا عليه شيئا من قرآن مسيلمة الذي هو في غاية الهذيان والركاكة ، فقال : ويحكم ، أين يُذهَب بعقولكم{[29796]} ؟ والله إن هذا الكلام لم يخرج من إلٍّ ، أي : من إله .

وقال قتادة : { فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ } أي : عن كتاب الله وعن طاعته .


[29795]:- (1) في م "حقا".
[29796]:- (2) في م: "أين تذهب عقولكم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَيۡنَ تَذۡهَبُونَ} (26)

وقوله : فأَيْنَ تَذْهَبُونَ يقول تعالى ذكره : فأين تذهبون عن هذا القرآن ، وتعدلون عنه ؟ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فأَيْنَ تَذْهَبُونَ يقول : فأين تعدلون عن كتابي وطاعتي .

وقيل : فَأيْنَ تَذْهَبُونَ ولم يقل : فإلى أين تذهبون ، كما يقال : ذهبت الشأم ، وذهبت السوق . وحُكي عن العرب سماعا : انطلق به الغَوْرَ ، على معنى إلغاء الصفة ، وقد ينشد لبعض بني عُقَيل :

تَصِحُ بِنا حَنِيفَةُ إذْ رأتْنا *** وأيّ الأرْضِ تَذْهَبُ للصّياحِ

بمعنى : إلى أيّ الأرض تذهب ؟ واستُجيز إلغاء الصفة في ذلك للاستعمال .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَيۡنَ تَذۡهَبُونَ} (26)

جملة : { فأين تذهبون } معترضة بين جملة : { وما هو بقول شيطان رجيم } [ التكوير : 25 ] وقوله : { إن هو إلا ذكر للعالمين } [ التكوير : 27 ] .

والفاء لتفريع التوبيخ والتعجيز على الحجج المتقدمة المثبتة أن القرآن لا يجوز أن يكون كلام كاهن وأنَّه وحي من اللَّه بواسطة الملك .

وهذا من اقتران الجملة المعترضة بالفاء كما تقدم في قوله تعالى : { فمن شاء ذكره } في سورة عبس ( 12 ) .

و ( أين ) اسم استفهام عن المكان . وهو استفهام إنكاري عن مكان ذهابهم ، أي طريق ضلالهم ، تمثيلاً لحالهم في سلوك طرق الباطل بحال من ضل الطريق الجادة فيسأله السائل منكراً عليه سلوكه ، أي اعدلْ عن هذا الطريق فإنه مضلة .

ويجوز أن يكون الاستفهام مستعملاً في التعجيز عن طلب طريق يسلكونه إلى مقصدهم من الطعن في القرآن .

والمعنى : أنه قد سدت عليكم طرق بهتانكم إذ اتضح بالحجة الدامغة بطلان ادعائكم أن القرآن كلام مجنون أو كلام كاهن ، فماذا تدعون بعد ذلك .

واعلم أن جملة أين تذهبون قد أرسلت مثلاً ، ولعله من مبتكرات القرآن وكنت رأيت في كلام بعضهم : أين يذهب بك ، لمن كان في خطأ وعماية .