تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَأَيۡنَ تَذۡهَبُونَ} (26)

الآية 26 : وقوله تعالى : { فأين تذهبون } أي فأين تذهبون عن طاعته واتباعه والانقياد له ، وقد أتاكم ما يلزمكم طاعته وإتباعه ؟

ثم قوله عز وجل : { فأين تذهبون } يحتمل أوجها غير ما ذكرنا :

أحدها : أن هذا القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم تلقاه من رسول كريم على الله تعالى . فإذا تؤمنوا به ، ولم تقبلوه ، فما ذهبتم إلا إلى قول الشيطان الرجيم .

[ والثاني : أن قوله : ]{[1]} { فأين تذهبون } إلى من تذهبون ؟ وإلى من تفزعون إذا أتاكم بأس الله عز وجل ونقمته إذا لم تؤمنوا بالله تعالى ، وأنكرتم البعث ، ولم تصدقوا الرسول صلى الله عليه وسلم في ما أخبركم به ؟ فإذا حل بكم ما أنذركم به فإلى من تلجؤون ؟ وهو كقوله تعالى : { قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم } [ الملك ] .

[ والثالث : أنكم ]{[2]}إذا لم تؤمنوا بالله تعالى ، ولم تتبعوا ما أتاكم به محمد صلى الله عليه وسلم وقد تقرر عندكم [ صدق ما ]{[3]} أتاكم من الآيات المعجزة ، فبأي حديث تصدقون بعد ذلك ، وتذهبون إليه ؟ وهو كقوله تعالى : { فبأي حديث بعده يؤمنون } ؟ [ المرسلات : 50 ] .


[1]:- في ط ع: سمح.
[2]:- من ط ع: ويشير هذا القول إلى ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" انظر (سنن الترمذي) ج 5/199 رقم الحديث /2951/.
[3]:- من ط ع، الواو ساقطة من الأصل.