{ فأين تذهبون } فإلى أين تتجهون وفي أي طريق تسيرون .
{ ولقد رآه بالأفق المبين ( 23 ) وما هو على الغيب بضنين ( 24 ) وما هو بقول شيطان رجيم ( 25 ) فأين تذهبون ( 26 ) إن هو إلا ذكر للعالمين ( 27 ) لمن شاء منكم أن يستقيم ( 28 ) وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ( 29 ) } .
ولقد رأى النبي محمد جبريل بين السماء والأرض على صورته الأصلية وبأجنحته الملائكية ، وعاينه بوضوح- وذلك كما قيل قبل الإسراء بسنين- وإن محمدا لا يبخل بتعليم ما جاءه من ربه ولا يخفى ولا يكتم منه شيئا وإنما يبلغ ما أرسل به كاملا وافيا ؛ وما تستطيع الشياطين أن تقول القرآن ، أو تنال منه ، ولا هي تريده ، ولا تمكن منه ، فأين تتجه العقول والقلوب بعيدا عن القرآن ؟ وأي طريق غيره تسلك ؟ إنه تذكرة وموعظة للجن والإنس ، وهدى لمن شاء أن يسير على طريق الاستقامة والاعتدال ، وكل ما سواه انحراف ؛ وليست وجهة الحق تحت مشيئتكم ، دائما هي تابعة لمشيئة ربنا الله الكبير المتعال ، مصلح الخلق ، ومربي العالمين ؛ يقول القرطبي : وقال أبو هريرة وسليمان بن موسى : لما نزلت { لمن شاء منكم أن يستقيم } قال أبو جهل : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم- وهذا هو القدر وهو رأس القدرية- فنزلت { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } فبين بهذا أنه لا يعمل العبد خيرا إلا بتوفيق الله ولا شرا إلا بخذلانه ؛ وقال الحسن : والله ما شاءت العرب الإسلام حتى شاءه الله لها . وفي التنزيل : { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء . . }{[9404]} وقال تعالى : { وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله } . {[9405]} وقال تعالى : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء . . . } . {[9406]} والآي في هذا كثير وكذلك الأخبار . اه .
يقول الألوسي : { وإذا الوحوش حشرت } . ذهب كثير إلى بعث جميع الحيوانات فقد أخرج مسلم والترمذي عن أبي هريرة في هذه الآية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء ) . وليس في هذا الباب نص من كتاب أو سنة معمول عليها يدل على حشر غيرها من الوحوش ، وخبر مسلم والترمذي وإن كان صحيحا لكنه لم يخرج مخرج التفسير للآية ؛ ويجوز أن يكون كناية عن العدل التام ، وإلى هذا القول أميل . . { علمت نفس ما أحضرت } جواب { إذا } على أن المراد بها زمان واحد ممتد يسع الأمور المذكورة ، مبدوءة قبيل النفخة الأولى أو هي ، ومنتهاه فصل القضاء بين الخلائق ، لكن لا بمعنى أن النفس تعلم ما تعلم في كل جزء من أجزاء ذلك الوقت المديد ؛ والمراد بما { أحضرت } أعمالها من الخير والشر ، وبحضور الأعمال : إما حضور صحائفها ، وإما حضور أنفسها على ما قالوا من أن الأعمال الظاهرة في هذه النشأة بصورة عرضية تبرز في النشأة الآخرة بصورة جوهرية . . . وجوز أن يكون ذلك للإشعار بأنه إذا علمت حينئذ نفس من النفوس ما أحضرت وجب على كل نفس إصلاح عملها . اه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.