القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النّارِ } . .
يقول تعالى ذكره : هذا العقاب الذي عجلته لكم أيها الكافرون المشاقون لله ورسوله في الدنيا ، من الضرب فوق الأعناق منكم ، وضرب كلّ بنان بأيدي أوليائي المؤمنين ، فذوقوه عاجلاً ، واعلموا أن لكم في الاَجل والمعاد عذاب النار .
ولفتح «أن » من قوله : وأنّ للكافِرِينَ من الإعراب وجهان : أحدهما الرفع ، والاَخر النصب . فأما الرفع فبمعنى : ذلكم فذوقوه ، ذلكم وأن للكافرين عذاب النار بنية تكرير «ذلكم » ، كأنه قيل : ذلكم الأمر وهذا . وأما النصب فمن وجهين : أحدهما : ذلكم فذوقوه ، واعلموا ، أو وأيقنوا أن للكافرين ، فيكون نصبه بنية فعل مضمر ، قال الشاعر :
ورأيْتِ زَوْجَكِ في الوَغَى ***مُتَقَلّدًا سَيفا وَرُمْحَا
بمعنى : وحاملاً رمحا . والاَخر بمعنى : ذلكم فذوقوه ، وبأن للكافرين عذاب النار ، ثم حذفت الباء فنصبت .
{ ذلكم } الخطاب فيه مع الكفرة على طريقة الالتفات ومحله الرفع أي : الأمر ذلكم أو ذلكم واقع أو نصب بفعل دل عليه . { فذوقوه } أو غيره مثل باشروا أو عليكم فتكون الفاء عاطفة . { وأن للكافرين عذاب النار } عطف على ذلكم أو نصب على المفعول معه ، والمعنى ذوقوا ما عجل لكم مع ما أجل لكم في الآخرة . ووضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على أن الكفر سبب العذاب الآجل أو الجمع بينهما . وقرئ { وإن } بالكسر على الاستئناف .
وقوله تعالى : { ذلكم فذوقوه } المخاطبة للكفار ، أي ذلك الضرب والقتل وما وأوقع الله بهم يوم بدر ، فكأنه قال الأمر ذلك فذوقوه وكذا فسره سيبويه ، وقال بعضهم : يحتمل أن يكون { ذلكم } في موضع نصب كقوله زيداً فاضربه ، وقرأ جمهور الناس «وأن » بفتح الألف ، فإما على تقدير وحتم أن . فيقدر على ابتداء محذوف يكون «أن » خبره{[5254]} ، وإما على تقدير : واعلموا أن ، فهي على هذا في موضع نصب ، وروى سليمان عن الحسن بن أبي الحسن و «إن » على القطع والاستئناف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.