وأمام هذا الهول الذي يتمثل في الكون كما يتمثل في النفس يلمس قلوبهم لتتذكر وتختار طريق السلامة . . طريق الله . .
إن هذه تذكره ، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا . .
وإن السبيل إلى الله لآمن وأيسر ، من السبيل المريب ، إلى هذا الهول العصيب !
وبينما تزلزل هذه الآيات قوائم المكذبين ، تنزل على قلب الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] والقلة المؤمنة المستضعفة إذ ذاك بالروح والثقة واليقين . إذ يحسون أن ربهم معهم ، يقتل أعدائهم وينكل بهم . وإن هي إلا مهلة قصيرة ، إلى أجل معلوم . ثم يقضى الأمر ، حينما يجيء الأجل ويأخذ الله أعداءه وأعداءهم بالنكال والجحيم والعذاب الأليم .
إن الله لا يدع أولياءه لأعدائه . ولو أمهل أعداءه إلى حين . . .
19- إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا .
إن هذه الآيات التي سبقت ، والمواعظ التي اشتملت عليها ، ومشاهد القيامة فيها تذكرة للناس ، وتنبيه للأفئدة ، وإيقاظ للضمائر ، وتوجيه للقلوب حتى تتجه إلى ربها ، وتتذكّر آخرتها ، وتفيق من غفلتها ، فمن شاء الهداية فباب الله مفتوح ، والطريق إليه واسع ، فمن تحرك في قلبه الإيمان فليطرق باب الله تعالى .
قال تعالى : ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما . ( النساء : 110 ) .
{ إِنَّ هذه } إشارة إلى الآيات المنطوية على القوارع المذكورة { تَذْكِرَةٌ } أي موعظة { فَمَن شَاء اتخذ إلى رَبّهِ سَبِيلاً } بالتقرب إليه تعالى بالإيمان والطاعة فإنه المنهاج الموصل إلى مرضاته عز وجل ومفعول شاء محذوف والمعروف في مثله أن يقدر من جنس الجواب أي فمن شاء اتخاذ سبيل إلى ربه تعالى اتخذ الخ وبعض قدره الاتعاظ لمناسبة ما قبل أي فمن شاء الاتعاظ اتخذ إلى ربه سبيلاً والمراد من نوى أن يحصل له الاتعاظ تقرب إليه تعالى لكن ذكر السبب وأريد مسببه فهو الجزاء في الحقيقة واختار في البحر ما هو المعروف وقال إن الكلام على معنى الوعد والوعيد .
{ 19 } { إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا }
[ أي : ] إن هذه الموعظة التي نبأ الله بها من أحوال يوم القيامة وأهواله{[1267]} ، تذكرة يتذكر بها المتقون ، وينزجر بها المؤمنون ، { فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا } أي : طريقا موصلا إليه ، وذلك باتباع شرعه ، فإنه قد أبانه كل البيان ، وأوضحه غاية الإيضاح ، وفي هذا دليل على أن الله تعالى أقدر العباد على أفعالهم ، ومكنهم منها ، لا كما يقوله الجبرية : إن أفعالهم تقع بغير مشيئتهم ، فإن هذا خلاف النقل والعقل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.