11-{ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ } .
في الأرض ما يتفكه الناس بأكله ، من صنوف الفواكه التي تؤكل على سبيل التفكّه والتلذذ ، لا على سبيل القوت الدائم ، وفيها النخيل ذات الأوعية التي يكون فيها الثمر ، وأفرد النخيل بالذكر لكثرتها في بلاد العرب ، وكثرة فوائدها ، لأنه ينتفع بثمارها رطبة ويابسة ، وينتفع بجميع أجزائها ، فيتخذ من خوصها السِّلال والزنابيل ، ومن ليفها الحبال ، ومن جريدها سقف البيوت ، ويؤكل جمَّارها وبلحها ، ومن ثمّ ذكرها باسمها ، وذكر الفاكهة دون أشجارها .
ثم ذكر ما فيها من الأقوات الضرورية ، فقال : { فِيهَا فَاكِهَةٌ } وهي جميع الأشجار التي تثمر الثمرات التي يتفكه بها العباد ، من العنب والتين والرمان والتفاح ، وغير ذلك ، { وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ } أي : ذات الوعاء الذي ينفلق عن القنوان التي تخرج شيئا فشيئا حتى تتم ، فتكون قوتا يؤكل ويدخر ، يتزود منه المقيم والمسافر ، وفاكهة لذيذة من أحسن الفواكه .
قوله تعالى : { فيها فاكهة } يعني : أنواع الفواكه ، قال ابن كيسان : ما يتفكهون به من النعم التي لا تحصى ، { والنخل ذات الأكمام } الأوعية التي يكون فيه الثمر لأن ثمر النخل يكون في غلاف ما لم ينشق ، واحدها كم ، وكل ما ستر شيئا فهو كم وكمة ، ومنه كم القميص ، ويقال للقلنسوة كمة ، قال الضحاك : ذات الأكمام أي ذات الغلف . وقال الحسن : أكمامها : لفيفها . وقال ابن زيد : هو الطلع قبل أن ينفتق .
قوله تعالى : " فيها فاكهة " أي كل ما يتفكه به الإنسان من ألوان الثمار . " والنخل ذات الأكمام " الأكمام جمع كم بالكسر . قال الجوهري : والكِمَّة بالكسر والكمامة وعاء الطلع وغطاء النور والجمع كِمَام وأَكِمَّة وأكمام والأكاميم أيضا . وكُمَّ الفصيل إذا أشفق عليه فستر حتى يقوى ، قال العجاج :
بل لو شهدتَ الناسَ إذ تُكُمُّوا *** بغُمَّة لو لم تُفَرَّجْ غُمُّوا
وتكموا أي أغمي عليهم وغطوا . وأكمت النخلة{[14515]} وكممت أي أخرجت أكمامها . والكمام بالكسر والكمامة أيضا ما يكم به فم البعير لئلا يعض ، تقول منه : بعير مكموم أي محجوم . وكممت الشيء غطيته . والكم ما ستر شيئا وغطاه ، ومنه كم القميص بالضم والجمع أكمام وكممة ، مثل حب وحببة . والكمة القلنسوة المدورة ، لأنها تغطي الرأس . قال :
فقلت لهم كِيلو بكُمَّة بعضكم *** دراهِمَكم إني كذلك أَكْيَلُ
قال الحسن : " ذات الأكمام " أي ذات الليف فإن النخلة قد تكمم بالليف ، وكمامها ليفها الذي في أعناقها . ابن زيد : ذات الطلع قبل أن يتفتق . وقال عكرمة : ذات الأحمال .