نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فِيهَا فَٰكِهَةٞ وَٱلنَّخۡلُ ذَاتُ ٱلۡأَكۡمَامِ} (11)

ولما كان في {[61824]}سياق بيان{[61825]} الرحمة بمزيد الإنعام ، وكان إقامة البينة أعظم نعمة ، وكانت الفواكه ألذ ما يكون ، وكانت برقتها وشدة لطافتها منافية للأرض في يبسها وكثافتها ، فكان كونها فيها عجباً دالاً على عظيم قدرته ، وكان ذكرها يدل على ما تقدمها من النعم من جميع الأقوات ، بدأ بها ليصير{[61826]} ما يتقدمها كالمذكور مرتين ، فقال مستأنفاً وصفها بما هو أعم : { فيها فاكهة } أي ضروب منها عظيمة جداً يدرك الإنسان بما له من البيان تباينها{[61827]} في الصور والألوان ، والطعوم والمنافع - وغير ذلك من بديع الشأن .

ولما كان المراد بتنكيرها{[61828]} تعظيمها ، نبه عليه بتعريف نوع منها ، ونوه به لأن فيه مع التفكه التقوت ، وهو أكثر ثمار العرب المقصودين بهذا الذكر بالقصد الأول فقال : { والنخل } ودل على تمام القدرة بقوله : { ذات } أي صاحبة { الأكمام * } أي أوعية ثمرها ، وهو الطلع قبل أن ينفتق بالثمر ، وكل نبت يخرج ما هو مكمم فهو ذو كمام ، ولكنه مشهور في النخل لشرفه وشهرته عندهم ، قال البغوي{[61829]} : وكل ما ستر شيئاً فهو كم وكمة ، ومنه كم القميص ، وفيه تذكير بثمر الجنة الذي ينفتق عن نباهم ، وذكر أصل النخل دون ثمره للتنبيه عن كثرة منافعه من الليف والسعف والجريد والجذوع وغيرها من المنافع التي الثمر منها .


[61824]:- من ظ، وفي الأصل: بيان سياق.
[61825]:- من ظ، وفي الأصل: بيان سياق.
[61826]:- من ظ، وفي الأصل: البصير.
[61827]:- في ظ: شأنها.
[61828]:- من ظ، وفي الأصل: بإنكارها.
[61829]:- راجع المعالم بهامش اللباب 7/ 3.