المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَلَمۡ يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ سَوۡفَ يُؤۡتِيهِمۡ أُجُورَهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (152)

152- وأما من آمنوا بالله ورسله ، ولم يُكذِّبوا بأحد منهم ، فإن الله يثيبهم على كامل إيمانهم الثواب العظيم ، والله غفور للتائبين ، رحيم بعباده .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَلَمۡ يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ سَوۡفَ يُؤۡتِيهِمۡ أُجُورَهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (152)

148

( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً )

أما " المسلمون " فهم الذين يشتمل تصورهم الاعتقادي على الإيمان بالله ورسله جميعا ؛ بلا تفرقة . فكل الرسل عندهم موضع اعتقاد واحترام ؛ وكل الديانات السماوية عندهم حق - ما لم يقع فيها التحريف فلا تكون عندئذ من دين الله ، وإن بقي فيها جانب لم يحرف ، إذ أن الدين وحدة - وهم يتصورون الأمر - كما هو في حقيقته - : إلها واحدا ، ارتضى للناس دينا واحدا ؛ ووضع لحياتهم منهجا واحدا ، وأرسل رسله إلى الناس بهذا الدين الواحد وهذا المنهج الواحد . وموكب الإيمان - في حسهم - موصول ، يقوده نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وإخوانهم من الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم جميعا - ونسبهم هم إلى هذا الموكب الموصول عريق ؛ وهم حملة هذه الأمانة الكبرى ، وهم ورثة هذا الخير الموصول على طول الطريق المبارك . . لا تفرقة ولا عزلة ولا انفصام . وإليهم وحدهم انتهى ميراث الدين الحق . وليس وراء ما عندهم إلا الباطل والضلال .

وهذا هو " الإسلام " الذي لا يقبل الله غيره من أحد . وهؤلاء هم " المسلمون " الذين يستحقون الأجر من الله على ما عملوا ، ويستحقون منه المغفرة والرحمة فيما قصروا فيه :

( أولئك سوف يؤتيهم أجورهم ، وكان الله غفورا رحيمًا ) . .

والإسلام إنما يتشدد هذا التشدد في توحيد العقيدة في الله ورسله ، لأن هذا التوحيد هو الأساس اللائق بتصور المؤمن لإلهه - سبحانه - كما أنه هو الأساس اللائق بوجود منظم ، غير متروك للتعدد والتصادم . ولأنه هو العقيدة اللائقة بإنسان يرى وحدة الناموس في هذا الوجود أينما امتد بصره . ولأنه هو التصور الكفيل بضم المؤمنين جميعا في موكب واحد ، يقف أمام صفوف الكفر ، وفي حزب واحد يقف أمام أحزاب الشيطان . . ولكن هذا الصف الواحد ليس هو صف أصحاب الاعتقادات المحرفة - ولو كان لها أصل سماوي - إنما هو صف أصحاب الإيمان الصحيح والعقيدة التي لم يدخلها انحراف . .

ومن ثم كان " الإسلام " هو " الدين " . وكان " المسلمون " " خير أمة أخرجت للناس " المسلمون المعتقدون عقيدة صحيحة ، العاملون بهذه العقيدة . لا كل من ولد في بيت مسلم ، ولا كل من لاك لسانه كلمة الإسلام !

وفي ظل هذا البيان يبدو الذين يفرقون بين الله ورسله ، ويفرقون بين بعض الرسل وبعض ، منقطعين عن موكب الإيمان ، مفرقين للوحدة التي جمعها الله ، منكرين للوحدانية التي يقوم عليها الإيمان بالله .