المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

34 - يوم يهرب المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وزوجته وبنيه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

{ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } أي : قد شغلته نفسه ، واهتم لفكاكها ، ولم يكن له التفات إلى غيرها ، فحينئذ ينقسم الخلق إلى فريقين : سعداء وأشقياء ،

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

ثم ذكر تعالى فرار المرء من القوم الذين معهودهم أن لا يفر عنهم في الشدائد ، ثم رتبهم تعالى الأول فالأول محبة وحنواً ، وقرأ أبو إياس جؤية{[11634]} «من أخيهُ وأمهُ وأبيهُ » بضم الهاء في كلها ، وقال منذر بن سعيد وغيره : هذا الفرار هو خوف من أن يتبع بعضهم بعضاً بتبعات إذ الملابسة تعلق المطالبة ، وقال جمهور الناس : إنما ذلك لشدة الهول على نحو ما روي أن الرسل تقول يومئذ نفس نفسي لا أسألك غيري{[11635]}


[11634]:هو جؤية بن عائذ، أبو إياس. وقد ذكر اسمه لكثرة من عرف بأبي إياس.
[11635]:جاء ذلك في حديث الشفاعة، وهو حديث متفق عليه، وسبق لنا تخريجه في أكثر من موضع من هذا التفسير، وفيه أن الناس يجتمعون في صعيد واحد يوم القيامة، وتدنو الشمس، ويبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم؟ فيذهبون إلى آدم ويطلبون منه أن يشفع للناس، فيقول: (إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري)، فيذهبون إلى الأنبياء جميعا واحدا بعد واحد، وكل نبي يقول نفسي نفسي. إلى أن يذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها، أنا لها.. الحديث.

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

وكل من هؤلاء القرابة إذا قدرتَه هو الفارّ كان مَن ذُكر معه مفروراً منه إلا قولَه : { وصاحبته } لظهور أن معناه : والمرأةِ من صاحبها ، ففيه اكتفاء ، وإنما ذُكرتْ بوصف الصاحبة الدال على القرب والملازمة دون وصف الزوج لأن المرأة قد تكون غير حسنة العشرة لزوجها فلا يكون فراره منها كناية عن شدة الهول فذكر بوصف الصاحبة .

والأقرب أن هذا فرار المؤمن من قرابته المشركين خشية أن يؤاخذ بتبعتهم إذْ بَقُوا على الكفر .

وتعليق جار الأقرباء بفعل : { يفر المرء } يقتضي أنهم قد وقعوا في عذاب يخشون تعديه إلى من يتصل بهم .

وقد اجتمع في قوله : { يوم يفر المرء من أخيه } إلى آخره أبلغ ما يفيد هول ذلك اليوم بحيث لا يترك هوله للمرء بقية من رشده فإن نفس الفرار للخائف مسبة فيما تعارفوه لدلالته على جبن صاحبه وهم يتعيرون بالجبن وكونَه يترك أعز الأعزة عليه مسبة عظمى .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"يَوْمَ يَفِرّ المَرْءُ مِنْ أخِيهِ "يقول: فإذا جاءت الصاخة، في هذا اليوم الذي يفرّ فيه المرء من أخيه. ويعني بقوله: يفرّ من أخيه: يفرّ عن أخيه "وأُمّهِ وأبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ" يعني زوجته التي كانت زوجته في الدنيا "وَبَنِيهِ" حَذرا من مطالبتهم إياه بما بينه وبينهم من التّبعات والمظالم. وقال بعضهم: معنى قوله: يَفِرّ المَرْءُ مِنْ أخِيهِ: يفرّ عن أخيه لئلا يراه، وما ينزل به.

"لكُلّ امْرِئ مِنْهُمْ" يعني من الرجل وأخيه وأمه وأبيه، وسائر من ذُكر في هذه الآية "يَوْمَئِذٍ" يعني يوم القيامة إذا جاءت الصاخّة يوم القيامة "شأْنٌ يُغْنِيهِ" يقول: أمر يغنيه، ويُشغله عن شأن غيره.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

وقوله تعالى: {يوم يفر المرء من أخيه} {وأمه وأبيه} {وصاحبته وبنيه} فجائز أن يكون هذا على تحقيق الفرار، وجائز ألا يكون على التحقيق، ولكن وصف بالفرار لما يوجد منه المعنى الذي يوجد من الفار. قال الله تعالى: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم ولا يتساءلون} [المؤمنون: 101] والوجه فيه أن الأقرباء من شأنهم إذا اجتمعوا استبشر بعضهم ببعض، وأنسوا بالاجتماع، وإذا غابوا سألوا عن أحوالهم، واهتموا لذلك. ثم هم في ذلك اليوم يدعون السؤال عند الغيبة والاستبشار عند الحضرة، حتى كأنه لا أنساب بينهم في الحقيقة، ولكن ما يحل بكل واحد من الاهتمام يشغله عن السؤال عن حال والاستبشار برؤيته حتى يصير كالفرار لوقوع المعنى الذي يوجد من الفار لا على تحقيق الفرار لأنه قال: {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} فما يحل من الشأن يمنعه عن الفرار عن نفسه وعن أقربائه، أو يكون على حقيقة الفرار. وذلك أن الأقرباء لا يوجد منهم القيام بوفاء جملة ما عليهم من الحقوق حتى لا يوجد منهم التقصير، فيخافوا في ذلك اليوم أن يؤاخذوا بذلك، فيحملهم على الفرار، ويفر كل منهم من تحمل ثقل الأقرباء كما قال: {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى} [فاطر: 18] وقد كانوا يتعاونون في الدنيا في تحمل الأثقال، فيخبر أنهم لا يتعاونون في ذلك اليوم، بل يفرون. ثم جائز أن يكون هذا في الكفرة. وأما أهل الإسلام فإنه يجوز أن تبقى بينهم حقوق القرابة كما أبقيت المودة في ما بين الأخلاء بقوله تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67]. وإن كان في المسلمين والكفرة جميعا فجائز أن يكون الفرار في بعض الأحوال، وذلك في الوقت الذي لم يتفرغ أحد عن شغل نفسه. فأما إذا آمن، وجاءته البشارة، فهو يقوم بشفاعته، ويسأل عن أحواله، ولا يفر منه...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كانت الزوجة التي هي أهل لأن تصحب ألصق بالفؤاد وأعرق في الوداد، وكان الإنسان أذب عنها عند الاشتداد، قال: {وصاحبته} ولعله أفردها إشارة إلى أنها عنده في الدرجة العليا من المودة بحيث لا يألف غيرها. ولما كان للوالد إلى الولد من المحبة والعاطفة والإباحة -بالسر والمشاورة في الأمر ما ليس لغيره، ولذلك يضيع عليه رزقه وعمره قال: {وبنيه} وإن اجتمع فيهم الصغير الذي هو عليه أشفق والكبير الذي هو في قلبه- أجل وفي عينه أنبل ومن بينهما من الذكر والأنثى...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

أي: قد شغلته نفسه، واهتم لفكاكها، ولم يكن له التفات إلى غيرها، فحينئذ ينقسم الخلق إلى فريقين: سعداء وأشقياء،...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وكل من هؤلاء القرابة إذا قدرتَه هو الفارّ كان مَن ذُكر معه مفروراً منه إلا قولَه: {وصاحبته} لظهور أن معناه: والمرأةِ من صاحبها، ففيه اكتفاء، وإنما ذُكرتْ بوصف الصاحبة الدال على القرب والملازمة دون وصف الزوج لأن المرأة قد تكون غير حسنة العشرة لزوجها فلا يكون فراره منها كناية عن شدة الهول فذكر بوصف الصاحبة. والأقرب أن هذا فرار المؤمن من قرابته المشركين خشية أن يؤاخذ بتبعتهم إذْ بَقُوا على الكفر. وتعليق جار الأقرباء بفعل: {يفر المرء} يقتضي أنهم قد وقعوا في عذاب يخشون تعديه إلى من يتصل بهم. وقد اجتمع في قوله: {يوم يفر المرء من أخيه} إلى آخره أبلغ ما يفيد هول ذلك اليوم بحيث لا يترك هوله للمرء بقية من رشده فإن نفس الفرار للخائف مسبة فيما تعارفوه لدلالته على جبن صاحبه وهم يتعيرون بالجبن وكونَه يترك أعز الأعزة عليه مسبة عظمى...