غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

1

وتقول الصاحبة : أطعمتني الحرام وفعلت كذا وكذا ، والبنون يقولون : لم تعلمنا ولم ترشدنا . قال جار الله : إنما بدأ بالأخ ثم بالأبوين لأنهما أقرب منه ، والفرار إنما يقع من الأبعد ثم من الأقرب ، وأخر الصاحبة والبنين لأن البنين أقرب وأحب فكأنه قيل : يفر من أخيه بل من أبيه بل من صاحبته وبنيه . وأقول : هذا القول يستلزم أن تكون الصاحبة أقرب وأحب من الأبوين ولعله خلاف العقل والشرع ، والأصوب أن يقال : أراد أن يذكر بعض من هو مطيف بالمرء في الدنيا من أقاربه في طرفي الصعود والنزول فبدأ بطرف الصعود لأن تقديم الأصل أولى من تقديم الفرع ، وذكر أوّلاً في كل من الطرفين من هو معه في درجة واحدة وهو الأخ في الأول ، والصاحبة في الثاني على أن وجود البنين موقوف على وجود الصاحبة فكانت بالتقديم أولى . وقيل : أول من يفر من أخيه هابيل ، ومن أبويه إبراهيم ، ومن صاحبته نوح ولوط ، ومن ابنه نوح . والأنسب عندي أن يكون الفار قابيل وقد جاء هكذا في بعض الروايات ، والأظهر أن الفرار المعنيّ هو قلة الاهتمام بشأن هؤلاء بدليل قوله : { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } .

/خ42