قوله : { يَوْمَ يَفِرُّ المرء } بدل من «إذا » ، ولا يجوز أن يكون «يغنيه » عاملاً ، في «إذا » ، ولا في «يوم » ؛ لأنه صفة ل «شأن » ولا يتقدم معمول الصِّفة على موصوفها .
والعامة على «يغنيه » من الإغناءِ .
وابن محيصن{[59407]} والزهري ، وابنُ أبي عبلة وحميدٌ ، وابن السميفع : «يعنيه » بفتح الياء والعين المهملة من قولهم : عناني في الأمر ، أي : قصدني .
قوله : «يَفِرُّ » ، أي : يهرب في يوم مجيء الصاخَّةِ ، «مَنْ أخِيْهِ » أي : من مُوالاةِ أخيهِ ، ومُكالمتهِ لأنه مشتغل بنفسه ، لقوله بعده : { لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } ، أي : يشغلهُ عن غيره .
وقيل : إنَّما يفرّ حذراً من مطالبتهم إياه بالتبعات ، يقول الأخُ : ما واسيتنِي بمالك ، والأبوان يقولان : قصرت في برنَا ، والصاحبة تقول : أطمعتني الحرامَ ، والبنون يقولون : ما علمتنا .
وقيل : لعلمه أنهم لا ينفعونه ، ولا يغنون عنه شيئاً ، لقوله تعالى : { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً } [ الدخان : 41 ] .
وقال عبد الله بن طاهر : يفرُّ منهم لمَّا تبين له عجزهم ، وقلّة حيلتهم .
وذكر الضحاك عن ابن عباس ، قال : يفر قابيلُ من أخيه هابيل ، ويفرُّ النبي من أمِّه ، ويفرُّ إبراهيمُ من أبيه ، ونوحٌ من ابنه ، ولوطٌ من امرأتهِ ، وآدمُ من سوءةِ بنيهِ{[59408]} .
قال ابنُ الخطيب{[59409]} : المراد : أن الذين كان المرء يفرُّ إليهم في دار الدنيا ، ويستجيرُ بهم ، فإنه يفرُّ منهم في دار الآخرة ، وذكروا في فائدة الترتيب كأنَّه قيل : { يَوْمَ يفرُّ المَرْءُ من أخِيهِ } ، بل من أبويه ، فإنهما أقرب من الأخوين ، بل من الصَّاحبة والولد ؛ لأنَّ تعلُّق القلب بهما أشد من تعلُّقه بالأبوين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.