وقوله تعالى : { يوم يفرّ المرء } بدل من إذا { من أخيه وأمّه وأبيه وصاحبته } أي : زوجته { وبنيه } لاشتغاله بما هو مدفوع إليه ، ولعلمه أنهم لا يغنون عنه شيئاً كقوله تعالى : { يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً } [ الدخان : 41 ]
فيفرّ المرء من هؤلاء الذين كان يفرّ إليهم في دار الدنيا ويستجير بهم لكثرة ما يشغله . وبدأ بالأخ لأنه أدناهم رتبة في الحب والذب ، ثم بالأمّ لأنها كانت مشاركة له في الإلف ويلزم من حمايتها أكثر مما يلزم للأخ ، وهو لها آلف وعليها أحنّ وعليها أرق وأعطف ، ثم بالأب لأنه أعظم منها في الإلف لأنه أقرب منها في النوع ، وللولد عليه من المعاطفة ما له من مزيد النفع أكثر ممن قبله ، ثم بالصاحبة لأنّ الزوجة التي هي أهل لأن تصحب ألصق بالفؤاد وأعرق في الوداد ، وكان الإنسان أذب عنها عند الشدائد ، ثم بالولد لأنّ له من المحبة والمعاطفة بالسرور والمشاورة في الأمر ما ليس لغيره ، ولذلك يضيع عليه رزقه وعمره .
فقدّم أدناهم مرتبة في الحب والذب ، فأدناهم على سبيل الترقي وأخر الأوجب في ذلك فالأوجب بخلاف ما في سورة سأل فكأنه قيل : يفرّ المرء من أخيه بل من أمّه بل من أبيه بل من صاحبته بل من بنيه ، وقيل : يفرّ منهم حذراً من مطالبتهم بالتبعات . يقول الأخ : لم تواسني بمالك ، والأبوان : قصرت في برّنا ، والصاحبة : أطعمتني الحرام وفعلت وصنعت ، والبنون : لم تعلمنا ولم ترشدنا ، وقيل : أوّل من يفرّ من أخيه هابيل ، ومن أبويه إبراهيم عليه السلام ، ومن صاحبته نوح ولوط ، ومن ابنه نوح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.