الآيات 34 و35 و36 : وقوله تعالى : { يوم يفر المرء من أخيه } [ { وأمه وأبيه } { وصاحبته وبنيه } ]{[23158]} فجائز أن يكون هذا على تحقيق الفرار ، وجائز ألا يكون على التحقيق ، ولكن وصف بالفرار لما يوجد منه المعنى الذي يوجد من الفار . قال الله تعالى : { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم ولا يتساءلون } [ المؤمنون : 101 ] والوجه فيه أن الأقرباء من شأنهم إذا اجتمعوا استبشر بعضهم ببعض ، وأنسوا بالاجتماع ، وإذا غابوا سألوا عن أحوالهم ، واهتموا لذلك .
ثم هم في ذلك اليوم يدعون السؤال عند الغيبة والاستبشار عند الحضرة ، حتى كأنه لا أنساب بينهم في الحقيقة{[23159]} ، ولكن ما يحل بكل واحد من الاهتمام يشغله عن السؤال [ عن حال ]{[23160]} والاستبشار برؤيته حتى يصير كالفرار لوقوع المعنى الذي يوجد من الفار لا على تحقيق الفرار لأنه قال : { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } فما يحل من الشأن يمنعه عن الفرار عن نفسه وعن أقربائه ، أو يكون على حقيقة الفرار .
وذلك أن الأقرباء لا يوجد منهم القيام بوفاء جملة ما عليهم من الحقوق حتى لا يوجد منهم التقصير ، فيخافوا{[23161]} في ذلك اليوم أن يؤاخذوا بذلك ، فيحملهم على الفرار ، ويفر كل منهم من تحمل ثقل الأقرباء كما قال : { وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى } [ فاطر : 18 ] وقد كانوا يتعاونون في الدنيا في تحمل الأثقال ، فيخبر أنهم لا يتعاونون في ذلك اليوم ، بل يفرون .
ثم جائز أن يكون هذا في الكفرة . وأما أهل الإسلام فإنه يجوز أن تبقى بينهم حقوق القرابة كما أبقيت المودة في ما بين الأخلاء بقوله تعالى : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } [ الزخرف : 67 ] .
وإن كان في المسلمين والكفرة جميعا فجائز أن يكون الفرار في بعض الأحوال ، وذلك في الوقت الذي لم يتفرغ [ أحد ]{[23162]} عن شغل نفسه . فأما إذا آمن ، وجاءته البشارة ، فهو يقوم بشفاعته ، ويسأل عن أحواله ، ولا يفر منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.