ومع ذلك جزاؤهم ليس مقصورا على أعمالهم بل يجزيهم اللّه من فضله الممدود وكرمه غير المحدود ما لا تبلغه أعمالهم . وذلك لأنه أحبهم وإذا أحب اللّه عبدا صب عليه الإحسان صبا ، وأجزل له العطايا الفاخرة وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة .
وهذا بخلاف الكافرين فإن اللّه لما أبغضهم ومقتهم عاقبهم وعذبهم ولم يزدهم كما زاد من قبلهم فلهذا قال : { إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }
{ ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله } علة ل { يمهدون } أو ل { يصدعون } ، والاقتصار على جزاء المؤمنين للإشعار بأنه المقصود بالذات والاكتفاء على فحوى قوله : { إنه لا يحب الكافرين } فإن فيه إثبات البعض لهم والمحبة للمؤمنين ، وتأكيد اختصاص الصلاح المفهوم من ترك ضميرهم إلى التصريح بهم تعليل له ومن فضله دال على أن الإثابة تفضل محض ، وتأويله بالعطاء أو الزيادة على الثواب عدول عن الظاهر .
يتعلق { ليجزي الذين ءامنوا } ب { يمهدون } أي يمهدون لعلة أن يجزي الله إياهم من فضله . وعدل عن الإضمار إلى الإظهار في قوله { الذين ءامنوا وعملوا الصالحات } للاهتمام بالتصريح بأنهم أصحاب صلة الإيمان والعمل الصالح وأن جزاء الله إياهم مناسب لذلك لتقرير ذلك في الأذهان ، مع التنويه بوصفهم ذلك بتكريره وتقريره كما أنبأ عن ذلك قوله عقبه { إنه لا يحب الكافرين } .
وقد فهم من قوله { مِنْ فَضْلِهِ } أن الله يجازيهم أضعافاً لرضاه عنهم ومحبته إياهم كما اقتضاه تعليل ذلك بجملة { إنه لا يحب الكافرين } المقتضي أنه يحب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فحصل بقوله { إنه لا يحب الكافرين } تقرير بَعد تقرير على الطرد والعكس فإن قوله { ليجزي الذين ءامنوا } دل بصريحه على أنهم أهل الجزاء بالفضل ، ودل بمفهومه على أنهم أهل الولاية .
وقوله { إنه لا يحب الكافرين } يدل بتعليله لما قبله على أن الكافرين محرومون من الفضل ، وبمفهومه على أن الجزاء موفور للمؤمنين فضلاً وأن العقاب مُعيّن للكافرين عدلاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.