نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (45)

ولما فرغ من بيان تصدعهم ، ذكر علته فقال : { ليجزي } أي{[53285]} الله سبحانه الذي أنزل هذه السورة لبيان أنه ينصر أولياءه لإحسانهم لأنه مع المحسنين ، ولذلك اقتصر هنا على ذكرهم فقال : { الذين آمنوا } أي{[53286]} ولو على أدنى الوجوه { وعملوا } أي تصديقاً لإيمانهم { الصالحات } ولما كانت الأعمال نعمة منه ، فكان الجزاء محض إحسان ، قال : { من فضله } .

ولما كان تنعيمهم من أعظم عذاب الكافرين الذين كانوا يهزؤون{[53287]} بهم ويضحكون منهم ، علله بقوله على سبيل التأكيد دفعا لدعوى من يظن أن إقبال الدنيا على العصاة لمحبة الله لهم : { إنه لا يحب الكافرين* } أي لا يفعل مع العريقين في الكفر فعل المحب ، فلا يسويهم بالمؤمنين ، وعلم من ذلك ما طوى من جزائهم ، فالآية من وادي الاحتباك ، وهو أن يؤتي بكلامين يحذف من{[53288]} كل منهما شيء ويكون نظمهما{[53289]} بحيث يدل{[53290]} ما أثبت في كل على ما حذف من الآخر ، فالتقدير هنا بعد ما ذكر من جزاء الذين آمنوا أنه{[53291]} يحب المؤمنين ويجزي الذين كفروا وعملوا السيئات بعدله لأنه{[53292]} لا يحب الكافرين ، فغير النظم ليدل مع دلالته كما ترى على ما حذف على أن إكرام المؤمنين هو المقصود بالذات ، وهو بعينه إرغام الكافرين ، {[53293]}وعبر{[53294]} في شق المؤمنين بالمنتهى الذي هو المراد من محبة الله لأنه{[53295]} أسرّ . وفي جانب الكافرين بالمبدأ الذي هو مجاز لأنه أنكأ وأضر .


[53285]:سقط من ظ.
[53286]:سقط من ظ وم ومد.
[53287]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: يميزون.
[53288]:سقط من ظ.
[53289]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: نظمها.
[53290]:زيد في الأصل: على، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[53291]:زيد في ظ: لا.
[53292]:في ظ ومد: أنه.
[53293]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53294]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53295]:زيد من ظ وم ومد.