غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (45)

وسيصرح به في قوله { ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات } . ثم بين غاية التمهيد بقوله { ليجزي } وقوله { من فضله } عند أهل السنة ظاهر : وحمله المعتزلة على شبه الكناية لأن الفضل تبع للثواب فلا يكون إلا بعد حصول ما هو تبع له ، أو الفضل بمعنى العطاء والثواب . وفي قوله { إنه لا يحب الكافرين } وعيد عظيم لهم لأنه إذا لم يحبهم أرحم الراحمين فلا يتصور لهم خلاص من عذابه ولا مناص ولا رحمة من جهته ولا نعمة ، وفيه تعريض بأنه يحب المؤمنين ولا وعد أعظم من هذا ولا شرف فوق ذلك . قال جار الله : تكرير الذين آمنوا وعملوا الصالحات وترك الضمير إلى الصريح لتقرير أنه لا يفلح عنده إلا المؤمن الصالح . وقوله { إنه لا يحب الكافرين } تقرير بعد تقرير على الطرد والعكس . قلت : يشبه أن يكون مراده أنه ذكر الكافر أولاً ثم المؤمن ، وفي الآية الثانية قرر أولاً أمر المؤمن ثم أردفه بتقرير أمر الكافر . أو أراد أن قوله { ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات } دل بصريحه على ثواب المؤمن وبتعريضه على حرمان الكافر ، وقوله { إنه لا يحب الكافرين } دل بصريحه على حرمان الكافر وبتعريضه على ثواب المؤمن . فالأول طرد والثاني عكس وكل منهما مقرر للآخر .

/33