المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ فَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٞ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (22)

22- وقد وضح بكل هذه الدلائل أن إلهكم الذي يجب أن تعبدوه وحده إله واحد لا شريك له ، ومع ذلك فالذين لا يؤمنون بالبعث والحساب قلوبهم منكرة لوحدانيته ، منعهم الاستكبار عن اتباع الحق والخضوع له .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ فَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٞ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (22)

{ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } وهو الله الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يكن له كفوا أحد . فأهل الإيمان والعقول أجلته قلوبهم وعظمته ، وأحبته حبا عظيما ، وصرفوا له كل ما استطاعوا من القربات البدنية والمالية ، وأعمال القلوب وأعمال الجوارح ، وأثنوا عليه بأسمائه الحسنى وصفاته وأفعاله المقدسة ، { فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ } لهذا الأمر العظيم الذي لا ينكره إلا أعظم الخلق جهلا وعنادا وهو : توحيد الله { وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ } عن عبادته .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ فَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٞ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (22)

22

( إلهكم إله واحد . فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون . لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ، إنه لا يحب المستكبرين ) . .

ويجمع السياق بين الإيمان بوحدة الله والإيمان بالآخرة . بل يجعل إحداهما دالة على الأخرى لارتباط عبادة الله الواحد بعقيدة البعث والجزاء . فبالآخرة تتم حكمة الخالق الواحد ويتجلى عدله في الجزاء . .

( إلهكم إله واحد ) وكل ما سبق في السورة من آيات الخلق وآيات النعمة وآيات العلم يؤدي إلى هذه الحقيقة الكبيرة البارزة ، الواضحة الآثار في نواميس الكون وتناسقها وتعاونها كما سلف الحديث .

فالذين لا يسلمون بهذه الحقيقة ، ولا يؤمنون بالآخرة - وهي فرع عن الاعتقاد بوحدانية الخالق وحكمته وعدله - هؤلاء لا تنقصهم الآيات ولا تنقصهم البراهين ، إنما تكمن العلة في كيانهم وفي طباعهم . إن قلوبهم منكرة جاحدة لا تقر بما ترى من الآيات ، وهم مستكبرون لا يريدون التسليم بالبراهين والاستسلام لله والرسول . فالعلة أصيلة والداء كامن في الطباع والقلوب ! .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ فَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٞ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (22)

يخبر تعالى أنه لا إله إلا هو الواحد الأحد الفرد الصمد ، وأخبر أن الكافرين تُنكر{[16384]} قلوبهم ذلك ، كما أخبر عنهم متعجبين من ذلك : { أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } [ ص : 5 ] ، وقال تعالى : { وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ الزمر : 45 ] .

وقوله : { وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ } أي : عن عبادة الله مع إنكار قلوبهم لتوحيده ، كما قال : { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [ غافر : 60 ] ؛ ولهذا قال هاهنا : { لا جَرَمَ }


[16384]:في ت: "ينكر".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ فَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٞ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (22)

{ إلهكم إله واحد } تكرير للمدعي بعد إقامة الحجج . { فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم مُنكِرة وهم مستكبرون } بيان لما اقتضى إصرارهم بعد وضوح الحق وذلك عدم إيمانهم بالآخرة ، فإن المؤمن بها يكون طالبا للدلائل متأملا فيما يسمع فينتفع به ، والكافر بها يكون حاله بالعكس وإنكار قلوبهم ما لا يعرف إلا بالبرهان إتباعا للأسلاف وركونا إلى المألوف ، فإنه ينافي النظر والاستكبار عن أتباع الرسول وتصديقه والالتفات إلى قوله ، والأول هو العمدة في الباب ولذلك رتب عليه ثبوت الآخرين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ فَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٞ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (22)

استئناف نتيجةً لحاصل المحاجّة الماضية ، أي قد ثبت بما تقدّم إبطال إلهية غير الله ، فثبت أن لكم إلهاً واحداً لا شريك له ، ولكون ما مضى كافياً في إبطال إنكارهم الوحدانية عُرّيت الجملة عن المؤكّد تنزيلاً لحال المشركين بعدما سمعوا من الأدلّة منزلة من لا يظن به أنه يتردّد في ذلك بخلاف قوله تعالى : { إن إلهكم إله واحد } في سورة البقرة ( 163 ) خطاب لأهل الكتاب .

وتفرّع عليه الإخبار بجملة فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة } ، وهو تفريع الأخبار عن الأخبار ، أي يتفرّع على هذه القضية القاطعة بما تقدّم من الدّلائل أنكم قلوبكم منكرة وأنتم مستكبرون وأن ذلك ناشىء عن عدم إيمانكم بالآخرة .

والتعبير عن المشركين بالموصول وصلته « الذين لا يؤمنون بالآخرة » لأنهم قد عُرفوا بمضمون الصّلة واشتهروا بها اشتهارَ لمز وتنقيص عند المؤمنين ، كقوله : { وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا } [ سورة الفرقان : 21 ] ، وللإيماء إلى أن لهذه الصّلة ارتباطاً باستمرارهم على العناد ، لأن انتفاء إيمانهم بالبعث والحساب قد جرّأهم على نبذ دعوة الإسلام ظهرياً فلم يتوقعوا مؤاخذة على نبذها ، على تقدير أنها حقّ فينظروا في دلائل أحقّيتها مع أنهم يؤمنون بالله ولكنّهم لا يؤمنون بأنه أعدّ للناس يوم جزاء على أعمالهم .

ومعنى { قلوبهم منكرة } جاحدة بما هو واقع . استعمل الإنكار في جحد الأمر الواقع لأنه ضدّ الإقرار . فحذف متعلق { منكرة } لدلالة المقام عليه ، أي منكرة للوحدانية .

وعبر بالجملة الاسمية { قلوبهم منكرة } للدلالة على أن الإنكار ثابت لهم دائم لاستمرارهم على الإنكار بعد ما تبين من الأدلّة . وذلك يفيد أن الإنكار صار لهم سجيّة وتمكّن من نفوسهم لأنهم ضروا به من حيث إنهم لا يؤمنون بالآخرة فاعتادوا عدم التبصّر في العواقب .

وكذلك جملة { وهم مستكبرون } بنيت على الاسمية للدّلالة على تمكّن الاستكبار منهم . وقد خولف ذلك في آية سورة الفرقان ( 21 ) { لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتواً كبيراً } لأن تلك الآية لم تتقدّمها دلائل على الوحدانية مثل الدلائل المذكورة في هذه الآية .