إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞۚ فَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٞ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (22)

{ إلهكم إله واحد } لا يشاركه شيءٌ في شيء ، وهو تصريحٌ بالمدعى وتمحيضٌ للنتيجة غِبَّ إقامةِ الحجة { فالذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة } وأحوالِها التي من جملتها ما ذكر من البعث وما يعقُبه من الجزاء المستلزِمِ لعقوبتهم وذِلتهم { قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ } للوَحدانية جاحدةٌ لها أو للآيات الدالة عليها { وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } عن الاعتراف بها ، أو عن الآيات الدالة عليها ، والفاء للإيذان بأن إصرارَهم على الإنكار واستمرارَهم على الاستكبار وقعَ موقع النتيجة للدلائل الظاهرةِ والبراهينِ الباهرة ، والمعنى أنه قد ثبت بما قُرّر من الحجج والبينات اختصاصُ الإلهية به سبحانه فكان من نتيجة ذلك إصرارُهم على ما ذكر من الإنكار والاستكبار ، وبناءُ الحكم المذكورِ على الموصول للإشعار بكونه معللاً بما في حيّز الصلة ، فإن الكفرَ بالآخرة وبما فيها من البعث والجزاءِ المتنوِّع إلى الثواب على الطاعة والعقابِ على المعصية يؤدِّي إلى قصر النظر على العاجل ، والإعراضِ عن الدلائل السمعية والعقليةِ الموجبِ لإنكارها وإنكارِ مؤدّاها ، والاستكبارِ عن اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام وتصديقِه ، وأما الإيمانُ بها وبما فيها فيدعو لا محالة إلى التأمل في الآيات والدلائلِ رغبةً ورهبة فيورث ذلك يقيناً بالوحدانية وخضوعاً لأمر الله تعالى .