المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

5- هو - وحده - خالق السماوات والأرض وما بينهما ، ومدبِّر الأمر ، ومالك المشارق لكل ما له مشرق{[196]} .


[196]:الله خالق السماوات السبع وما بينهما من مختلف الأجرام وكواكبها. وهو القيم المهيمن كذلك على مواضع شروق الشمس وشروق سائر النوم، فهو الذي يظهرها كل يوم في موضع في الأفق الشرقي يختلف عن الموضع الذي أظهرها منه في اليوم السابق، وذلك بما سنه في النظام الشمسي من قوانين حيث تدور الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق كل يوم مرة وتجري في فلكها الإهليجي حول الشمس في الوقت نفسه. وتبدو الشمس والنجوم لسكان الأرض كل يوم بدوران حول محورها مشرقة في مواضع مختلفة، وكلما غيرت الأرض موضعها في رحلتها على القبة السماوية بدت مشرقة من مواضع مختلفة، فإذا رصدت الشمس بانتظام ابتداء من أواخر مارس أي في الاعتدال الربيعي "ومن نصف الكرة الشمالي" فإنها ترى وهي تشرق في نقطة في الشرق على الأفق، وكلما مر يوم رآها الراصد تشرق في نقطة أقرب إلى الشمال. وفي أواخر يونيو ترى مشرقة في مكان هو نهاية اقترابها من الشمال ثم تبدو الشمس بعد ذلك وهي تقفل راجعة متبعة نفس التغييرات حتى أواخر سبتمبر (عند الاعتدال الخريفي) حيث ترى مشرقة من المكان الذي أشرقت منه عند الاعتدال الربيعي ثم تبدو بعد ذلك مستمرة في الحركة نحو الجنوب، حيث ترى مشرقة في أقرب نقطة إلى الجنوب في أواخر ديسمبر، ثم تأخذ في الرجوع ظاهريا نحو الشمال حيث تكمل دورتها في الاعتدال الربيعي التالي، ويستغرق ذلك كله 365 يوما وربع يوم، ويلاحظ أن النجوم ترى كذلك مشرقة في مواضع مختلفة في الأفق الشرقي أثناء رحلة الأرض إلى القبة السماوية خاصة نجوم الأبراج الاثني عشر التي تنتقل الشمس فيها على مدار السنة.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

{ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ } أي : هو الخالق لهذه المخلوقات ، والرازق لها ، المدبر لها ، . فكما أنه لا شريك له في ربوبيته إياها ، فكذلك لا شريك له في ألوهيته ، . وكثيرا ما يقرر تعالى توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية ، لأنه دال عليه . وقد أقر به أيضا المشركون في العبادة ، فيلزمهم بما{[759]}  أقروا به على ما أنكروه .


[759]:- كذا في ب، وفي أ: ما.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

وقوله : رَبّ السّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما يقول : هو واحد خالق السموات السبع وما بينهما من الخلق ، ومالك ذلك كله ، والقيّمِ على جميع ذلك ، يقول : فالبعادة لا تصلح إلا لمن هذه صفته ، فلا تعبدوا غيره ، ولا تشركوا معه في عبادتكم إياه من لا يضرّ ولا ينفع ، ولا يخلق شيئا ولا يُفْنيه .

واختلف أهل العربية في وجه رفع ربّ السموات ، فقال بعض نحوييّ البصرة : رُفع على معنى : إن إلهكم لربّ . وقال غيره : هو رَدّ على إن إلهكم لواحد ثم فَسّر الواحد ، فقال : ربّ السموات ، وهو ردّ على واحد . وهذا القول عندي أشبه بالصواب في ذلك ، لأن الخبر هو قوله : لَوَاحِدٌ ، وقوله : رَبّ السّمَوَاتِ ترجمة عنه ، وبيان مردود على إعرابه .

وقوله : وَرَبّ المَشارِقِ يقول : ومدبر مشارق الشمس في الشتاء والصيف ومغاربها ، والقيّم على ذلك ومصلحه وترك ذكر المغارب لدلالة الكلام عليه ، واستغني بذكر المشارق من ذكرها ، إذ كان معلوما أن معها المغارب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إنّ إلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ وقع القسم على هذا إن إلهكم لواحد رَبّ السّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبّ المَشارِقِ قال : مشارق الشمس في الشتاء والصيف .

حدثني محمد بن الحسين ، قلا : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : رَبّ المَشارِقِ قال : المشارق ستون وثلاثُ مئة مَشْرِق ، والمغارب مثلها ، عدد أيام السنة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

وأما تحقيقه فبقوله تعالى { رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق } فإن وجودها وانتظامها على الوجه الأكمل مع إمكان غيره دليل على وجود الصانع الحكيم ووحدته على ما مر غير مرة ، { ورب } بدل من واحد أو خبر ثان أو خبر محذوف وما بينهما يتناول أفعال العباد فيدل على أنها من خلقه ، و { المشارق } مشارق الكواكب أو مشارق الشمس في السنة وهي ثلاثمائة وستون مشرقا ، تشرق كل يوم في واحد وبحسبها تختلف المغارب ، ولذلك اكتفى بذكرها مع أن الشروق أدل على القدرة وأبلغ في النعمة ، وما قيل إنها مائة وثمانون إنما يصح لو لم تختلف أوقات الانتقال .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

ثم وصف تعالى نفسه بربوبيته جميع المخلوقات ، وذكر { المشارق } لأنها مطالع الأنوار والعيون بها أكلف ، وفي ذكرها غنية عن ذكر المغارب إذ معادلتها لها مفهومة عند كل ذي لب ، وأراد تعالى مشارق الشمس وهي مائة وثمانون في السنة فيما يزعمون من أطول أيام السنة إلى أقصرها .