المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (244)

244- وإذا علمتم أن الفرار من الموت لا ينجى منه ، فجاهدوا وابذلوا أنفسكم لإعلاء كلمة الله ، وأيقنوا أن الله يسمع ما يقول المتخلفون وما يقول المجاهدون ، ويعلم ما يضمر كُلٌّ في نفسه فيجازى بالخير خيراً وبالشر شرا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (244)

ثم أمر تعالى بالقتال في سبيله ، وهو قتال الأعداء الكفار لإعلاء كلمة الله ونصر دينه ، فقال : { وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم } أي : فأحسنوا نياتكم واقصدوا بذلك وجه الله ، واعلموا أنه لا يفيدكم القعود عن القتال شيئا ، ولو ظننتم أن في القعود حياتكم وبقاءكم ، فليس الأمر كذلك ، ولهذا ذكر القصة السابقة توطئة لهذا الأمر ، فكما لم ينفع الذين خرجوا من ديارهم حذر الموت خروجهم ، بل أتاهم ما حذروا من غير أن يحتسبوا ، فاعلموا أنكم كذلك .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (244)

القول في تأويل قوله : ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : " وقاتلوا " ، أيها المؤمنون " في سبيل الله " ، يعني : في دينه الذي هداكم له ، لا في طاعة الشيطان أعداء دينكم ، الصادين عن سبيل ربكم ، ولا تحتموا عن قتالهم عند لقائهم ، ولا تجبنوا عن حربهم ، فإن بيدي حياتكم وموتكم . ولا يمنعن أحدكم من لقائهم وقتالهم حذر الموت وخوف المنية على نفسه بقتالهم ، فيدعوه ذلك إلى التعريد عنهم والفرار منهم ، فتذلوا ، ويأتيكم الموت الذي خفتموه في مأمنكم الذي وألتم إليه ، كما أتى الذين خرجوا من ديارهم فرارا من الموت ، الذين قصصت عليكم قصتهم ، فلم ينجهم فرارهم منه من نزوله بهم حين جاءهم أمري ، وحل بهم قضائي ، ولا ضر المتخلفين وراءهم ما كانوا لم يحذروه ، إذ دافعت عنهم مناياهم ، وصرفتها عن حوبائهم ، فقاتلوا في سبيل الله من أمرتكم بقتاله من أعدائي وأعداء ديني ، فإن من حيي منكم فأنا أحييه ، ومن قتل منكم فبقضائي كان قتله .

ثم قال تعالى ذكره لهم : واعلموا ، أيها المؤمنون ، أن ربكم " سميع " لقول من يقول من منافقيكم لمن قتل منكم في سبيلي : لو أطاعونا فجلسوا في منازلهم ما قتلوا= " عليم " بما تجنه صدورهم من النفاق والكفر وقلة الشكر لنعمتي عليهم ، وآلائي لديهم في أنفسهم وأهليهم ، ولغير ذلك من أمورهم وأمور عبادي .

يقول تعالى ذكره لعباده المؤمنين : فاشكروني أنتم بطاعتي فيما أمرتكم من جهاد عدوكم في سبيلي ، وغير ذلك من أمري ونهيي ، إذ كفر هؤلاء نعمي . واعلموا أن الله سميع لقولهم ، وعليم بهم وبغيرهم وبما هم عليه مقيمون من الإيمان والكفر ، والطاعة والمعصية ، محيط بذلك كله ، حتى أجازي كلا بعمله ، إن خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا .

قال أبو جعفر : ولا وجه لقول من زعم أن قوله : " وقاتلوا في سبيل الله " ، أمر من الله الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف بالقتال ، بعد ما أحياهم . لأن قوله : " وقاتلوا في سبيل الله " ، لا يخلو- إن كان الأمر على ما تأولوه- من أحد أمور ثلاثة :

- إما أن يكون عطفا على قوله : فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ، وذلك من المحال أن يميتهم ، ويأمرهم وهم موتى بالقتال في سبيله .

- أو يكون عطفا على قوله : ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ، وذلك أيضا مما لا معنى له . لأن قوله : " وقاتلوا في سبيل الله " ، أمر من الله بالقتال ، وقوله : ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ، خبر عن فعل قد مضى . وغير فصيح العطف بخبر مستقبل على خبر ماض ، لو كانا جميعا خبرين ، لاختلاف معنييهما . فكيف عطف الأمر على خبر ماض ؟

- أو يكون معناه : ثم أحياهم وقال لهم : قاتلوا في سبيل الله ، ثم أسقط " القول " ، كما قال تعالى ذكره : إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا ، بمعنى يقولون : ربنا أبصرنا وسمعنا . وذلك أيضا إنما يجوز في الموضع الذي يدل ظاهر الكلام على حاجته إليه ، ويفهم السامع أنه مراد به الكلام وإن لم يذكر . فأما في الأماكن التي لا دلالة على حاجة الكلام إليه ، فلا وجه لدعوى مدع أنه مراد فيها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (244)

{ وقاتلوا في سبيل الله } لما بين أن الفرار من الموت غير مخلص منه وأن المقدر لا محالة واقع ، أمرهم بالقتال إذ لو جاء أجلهم في سبيل الله وإلا فالنصر والثواب . { واعلموا أن الله سميع } لما يقوله المتخلف والسابق . { عليم } بما يضمرانه وهو من وراء الجزاء .