الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (244)

هذا خطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم بالقتال في سبيل الله في قول الجمهور . وهو الذي ينوى به أن تكون كلمة الله هي العليا . وسبل الله كثيرة فهي عامة في كل سبيل ، قال الله تعالى : " قل هذه سبيلي " {[2281]} [ يوسف : 108 ] . قال مالك : سبل الله كثيرة ، وما من سبيل إلا يقاتل عليها أو فيها أو لها ، وأعظمها دين الإسلام ، لا خلاف في هذا . وقيل : الخطاب للذين أحيوا من بني إسرائيل ، وروي عن ابن عباس والضحاك . والواو على هذا في قوله " وقاتلوا " عاطفة على الأمر المتقدم ، وفي الكلام متروك تقديره : وقال لهم قاتلوا . وعلى القول الأول عاطفة جملة كلام على جملة ما تقدم ، ولا حاجة إلى إضمار في الكلام . قال النحاس : " وقاتلوا " أمر من الله تعالى للمؤمنين ألا تهربوا كما هرب هؤلاء . " واعلموا أن الله سميع عليم " أي يسمع قولكم إن قلتم مثل ما قال هؤلاء ويعلم مرادكم به ، وقال الطبري : لا وجه لقول من قال : إن الأمر بالقتال للذين أحيوا . والله أعلم .


[2281]:- راجع جـ9 ص 274