الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (244)

243

وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في الآية قال : كانوا أربعين ألفا وثمانية آلاف حظر عليهم حظائر ، وقد أروحت أجسادهم وأنتنوا ، فإنها لتوجد اليوم في ذلك السبط من اليهود تلك الريح ، خرجوا فرارا من الجهاد في سبيل الله ، فأماتهم ثم أحياهم فأمرهم بالجهاد ، فذلك قوله { وقاتلوا في سبيل الله } .

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : خرجوا فرارا من الطاعون وهم ألوف ليست الفرقة أخرجتهم كما يخرج للحرب والقتال قلوبهم مؤتلفة ، فلما كانوا حيث ذهبوا يبتغون الحياة قال الله لهم : موتوا ، ومر رجل بها وهي عظام تلوح ، فوقف ينظر فقال ( أنى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ) ( البقرة الآية 259 ) .

وأخرج البخاري والنسائي عن عائشة قالت " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرني أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء وجعله رحمة للمؤمنين ، فليس من رجل يقع الطاعون ويمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد " .

وأخرج أحمد والبخاري والنسائي ومسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الرحمن بن عوف " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الطاعون : إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه " .

وأخرج سيف في الفتوح عن شرحبيل بن حسنة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فإن الموت في أعناقكم ، وإذا كان بأرض فلا تدخلوها فإنه يحرق القلوب " .

وأخرج عبد بن حميد عن أم أيمن " أنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بعض أهله فقال : وإن أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت " .

وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب الطواعين وأبو يعلى والطبراني في الأوسط وابن عدي في الكامل عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تفنى أمتي إلا بالطعن والطاعون . قلت : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون ؟ قال : غدة كغدة البعير ، المقيم بها كالشهيد والفار منه كالفار من الزحف " .