محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (244)

{ وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم 244 } .

{ وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم } .

قال المفسرون : في اتباع القصة المتقدمة الأمر بالقتال ، دليل على أنها سيقت بعثا على الجهاد . فحرض على الجهاد بعد الإعلام بأن الفرار من الموت لا يغني ، كما قال تعالى : { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } {[1376]} . وأصل السبيل هو الطريق . وسميت المجاهدة سبيلا إلى الله تعالى من حيث إن الإنسان يسلكها ويتوصل إلى الله بها ليتمكن من إظهار عبادته تعالى ، ونشر الدعوة إلى توحيده وحماية أهلها والمدافعة عن الحق وأهله . فالقتال دفاع في سبيل الله لإزالة الضرر العام . / وهو منع الحق وتأييد الشرك . وذلك بتربية الذين يفتنون الناس عن دينهم وينكثون عهودهم ، لا لحظوظ النفس وأهوائها ، والضراوة بحب التسافك وإزهاق الأرواح ، ولا لأجل الطمع في الكسب . وفي قوله تعالى : { واعلموا أن الله سميع عليم } بعث على صدق النية والإخلاص . كما في الصحيحين{[1377]} عن أبي موسى رضي الله عنه قال : ( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء ، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) .


[1376]:[3/ آل عمران/ 168].
[1377]:أخرجه البخاري في: 3 ـ كتاب العلم، 45 ـ باب من سأل وهو قائم عالما جالسا، حديث 105 ونصه: عن أبي موسى قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا ويقاتل حمية. فرفع إليه رأسه (وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائما) فقال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل). وأخرجه مسلم في: 33 ـ كتاب الإمارة، حديث 150 (طبعتنا).