البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (244)

{ وقاتلوا في سبيل الله } هذا خطاب لهذه الأمة بالجهاد في سبيل الله ، وتقدّمت تلك القصة ، كما قلنا ، تنبيهاً لهذه الأمة أن لا تفر من الموت كفرار أولئك ، وتشجيعاً لها ، وتثبيتاً .

وروي عن ابن عباس ، والضحاك : أنه أمر لمن أحياهم الله بعد موتهم بالجهاد ، أي : وقال لهم قاتلوا في سبيل الله .

وقال الطبري : لا وجه لهذا القول . انتهى .

والذي يظهر القول الأول ، وأن هذه الآية ملتحمة بقوله : { حافظوا على الصلوات } وبقوله : { فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً } لأن في هذا إشعاراً بلقاء العدو ، ثم ما جاء بين هاتين الآيتين جاء كالاعتراض ، فقوله :

{ وللمطلقات متاع بالمعروف } تتميم أو توكيد لبعض أحكام المطلقات ، وقوله : { ألم تر إلى الذين } اعتبار بمن مضى ممن فرّ من الموت ، فمات ، أن لا ننكص ولا نحجم عن القتال ، وبيان المقاتل فيه ، وأنه سبيل الله فيه حث عظيم على القتال ، إذ كان الإنسان يقاتل للحمية ، ولنيل عرض من الدنيا ، والقتال في سبيل الله مورث للعز الأبدي والفوز السرمدي .

{ واعلموا أن الله سميع عليم } يسمع ما يقوله المتخلفون عن القتال والمتبادرون إليه ، ويعلم ما انطوت عليه النيات ، فيجازي على ذلك .

/خ247