وعموم ذلك ، يشمل الحور العين ونساء أهل الدنيا ، وأن هذا الوصف -وهو البكارة- ملازم لهن في جميع الأحوال ، كما أن كونهن { عُرُبًا أَتْرَابًا } ملازم لهن في كل حال ، والعروب : هي المرأة المتحببة إلى بعلها بحسن لفظها ، وحسن هيئتها ودلالها وجمالها [ ومحبتها ] ، فهي التي إن تكلمت سبت العقول ، وود السامع أن كلامها لا ينقضي ، خصوصا عند غنائهن بتلك الأصوات الرخيمة والنغمات المطربة ، وإن نظر إلى أدبها وسمتها ودلها ملأت قلب بعلها فرحا وسرورا ، وإن برزت{[967]} من محل إلى آخر ، امتلأ ذلك الموضع منها ريحا طيبا ونورا ، ويدخل في ذلك الغنجة عند الجماع .
والأتراب اللاتي على سن واحدة ، ثلاث وثلاثين سنة ، التي هي غاية ما يتمنى ونهاية سن الشباب ، فنساؤهم عرب أتراب ، متفقات مؤتلفات ، راضيات مرضيات ، لا يحزن ولا يحزن ، بل هن أفراح النفوس ، وقرة العيون ، وجلاء الأبصار .
وقوله : عُرُبا يقول تعالى ذكره : فجعلناهنّ أبكارا غنجات متحببات إلى أزواجهنّ يحسنّ التبعل وهي جمع ، واحدهن عَرُوب ، كما واحد الرسل رسول ، وواحد القطف قطوف ومنه قول لبيد :
وفي الْحُدُوجِ عَرُوبٌ غيرُ فاحِشَةٍ *** رَيّا الرّوَادِفِ يَعْشَى دونَها البَصَرُ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، وإسماعيل بن صبيح ، عن أبي إدريس ، عن ثور بن زيد ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس عُرُبا أتْرَابا قال : المَلَقَة .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : عُرُبا يقول : عواشق .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس عُرُبا قال : العرب المتحببات المتودّدات إلى أزواجهنّ .
حدثني سليمان بن عبيد الله الغيلاني ، قال : حدثنا أيوب ، قال : أخبرنا قرة ، عن الحسن ، قال : العرب : العاشق .
حدثني محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن عكرِمة ، أنه قال في هذه الاَية عُرُبا قال : العرب المغنوجة .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن شعبة ، عن سماك بن عكرِمة قال : هي المغنوجة .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا عُمارة بن أبي حفصة ، عن عكرِمة ، في قوله : عُرُبا قال : غنِجات .
حدثني عليّ بن الحسن الأزديّ ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن أبي إسحاق التيميّ ، عن صالح بن حيان ، عن أبي بريدة عُرُبا قال : الشّكِلة بلغة مكة ، والغِنجة بلغة المدينة .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، قال : سمعت إبراهيم التيمي يعني ابن الزبرقان ، عن صالح ابن حيان ، عن أبي يزيد بنحوه .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن عثمان بن بشار ، عن تميم بن حذلم ، قوله : عُرُبا قال : حسن تبعّل المرأة .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن عثمان بن بشار ، عن تميم بن حذلم في عُرُبا قال : العَرِبة : الحسنة التبعل . قال : وكانت العرب تقول للمرأة إذا كانت حسنة التبعل : إنها لعَرِبة .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أُسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه عُرُبا قال : حسنات الكلام .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد ، قال : عواشق .
قال : ثنا ابن يمان ، عن شريك ، عن خصيف ، عن مجاهد ، وعكرِمة ، مثله .
قال : ثنا ابن إدريس ، عن حصين ، عن مجاهد في عُرُبا قال : العرب المتحببات .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد عُرُبا قال : العرب : العواشق .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جُبير ، مثله .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن غالب أبي الهُذَيل ، عن سعيد بن جُبَير عُرُبا قال : العرب اللاتي يشتهين أزواجهنّ .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : المشتهية لبعولتهنّ .
قال : ثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا عثمان بن الأسود ، عن عبد الله بن عبيد الله ، قال : العرب : التي تشتهي زوجها .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن عثمان بن الأسود ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير عُرُبا قال : العَرِبة : التي تشتهي زوجها ألا ترى أن الرجل يقول للناقة : إنها لعَرِبة ؟
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة عُرُبا قال : عُشّقا لأزواجهنّ .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : عُرُبا أتْرَابا يقول : عشّق لأزواجهنّ ، يحببن أزواجهنّ حبا شديدا .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، يقول : سمعت الضحاك يقول : العُرُب : المتحببات .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : عُرُبا أتْرَابا قال : متحببات إلى أزواجهن .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : عُرُبا قال : العُرُب : الحسنة الكلام .
حدثنا ابن البرقيّ ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سُئل الأوزاعيّ ، عن عُرُبا قال : سمعت يحيى يقول : هنّ العواشق .
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا محمد بن الفرج الصّدَفيّ الدّمياطِيّ ، عن عمرو بن هاشم ، عن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أمّ سلمة ، قالت : قلت يا رسول الله ، أخبرني عن قوله : عُرُبا أتْرَابا قال : «عُرُبا مُتَعَشّقاتٍ مُتَحَبّباتٍ ، أتْرَابا على مِيلادٍ وَاحِدٍ » .
حدثني محمد بن حفص أبو عبيد الوصّابيّ ، قال : حدثنا محمد بن حمير ، قال : حدثنا ثابت بن عجلان ، قال : سمعت سعيد بن جُبَير يحدّث عن ابن عباس عُرُبا والعَرَب : الشّوْق .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه بعض قرّاء المدينة وبعض قرّاء الكوفيين عُرُبا بضم العين والراء . وقرأه بعض قرّاء الكوفة والبصرة «عُرْبا » بضم العين وتخفيف الراء ، وهي لغة تميم وبكر ، والضم في الحرفين أولى القراءتين بالصواب لما ذكرت من أنها جمع عروب ، وإن كان فعول أو فعيل أو فعال أذا جُمع ، جُمع على فُعُل بضم الفاء والعين ، مذكرا كان أو مؤنثا ، والتخفيف في العين جائز ، وإن كان الذي ذكرت أقصى الكلامين عن وجه التخفيف .
وقوله : أتْرَابا يعني أنهنّ مستويات على سنّ واحدة ، واحدتهنّ تِرْب ، كما يقال : شَبَه وأَشْباه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ بن الحسين بن الحارث ، قال : حدثنا محمد بن ربيعة ، عن سلمة بن سابور ، عن عطية ، عن ابن عباس ، قال : الأتراب : المستويات .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : أتْرَابا قال : أمثالاً .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أتْرَابا يعني : سنّا واحدة .
حدثني ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : أتْرَابا قال : الأتراب : المستويات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.