المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{عُرُبًا أَتۡرَابٗا} (37)

والعرب جمع عروب ، وهي المتحببة إلى زوجها بإظهار محبته ، قاله ابن عباس والحسن ، وعبر عنهم ابن عباس أيضاً بالعواشق ، ومنه قول لبيد :

وفي الحدوج عروب غير فاحشة . . . ريا الروادف يعشى دونها البصر{[10908]}

وقال ابن زيد العروب : الحسنة الكلام ، وقد تجيء العروب صفة ذم على غير هذا المعنى وهي الفاسدة الأخلاق كأنها عربت{[10909]} ومنه قول الشاعر [ ابن الأعرابي ] : [ الطويل ]

وما بدل من أم عثمان سلفع . . . من السود ورهاء العنان عروب

وقرأ ابن كثير وابن عامر والكسائي : «عرُباً » بضم الراء . وقرأ حمزة والحسن والأعمش : «عرْباً » بسكونها وهي لغة بني تميم ، واختلف عن نافع وأبي عمرو وعاصم .

وقوله : { أتراباً } معناه في الشكل والقد حتى يقول الرائي هم أتراب ، والترب هو الذي مس التراب مع تربه في وقت واحد . قال قتادة : { أتراباً } يعني سناً واحدة ، ويروى أن أهل الجنة على قد ابن أربعة عشر عاماً في الشباب والنضرة ، وقيل على مثال أبناء ثلاث وثلاثين سنة مرداً بيضاً مكحلين .


[10908]:قاله لبيد بن ربيعة العامري من قصيدة له يتغنى فيها بالحياة الصحراوية، ويفتخر بمآثره، والحُدوج: جمع حِدج وهو مركب للنساء كالهودج يوضع على ظهور الإبل، ويروى البيت:"وفي الخدور"، والعَروب: المرأة التي تتحبب إلى زوجها، وهو موضع الاستشهاد هنا، ورياّ الروادف: ممتلئة العجيزة، ويعشى: يكل ويضعف البصر من شدة الضوء.
[10909]:التعريب: الفُحش وما قبح من الكلام، ومنه حديث عطاء: أنه كره الإعراب للمحرم، وهو الإفحاش في القول.