السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{عُرُبًا أَتۡرَابٗا} (37)

وقوله تعالى : { عرباً } جمع عروب كصبور وصبر وهي الغنجة المحببة إلى زوجها ، وقال الرازي في اللوامع : الفطنة بمراد الزواج كفطنة العرب ؛ وقيل : الحسناء ؛ وقيل : المحسنة لكلامها ؛ وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هن العواتق . وأنشدوا

وفي الخباء عروب غير فاحشة *** ريا الروادف يعشى دونها البصر

وقرأ حمزة وشعبة : بسكون الراء والباقون بضمها كرسل ورسل وفرش وفرش وقوله تعالى : { أتراباً } جمع ترب ، وهو المساوي لك في سنك لأنه يمس جلدهما التراب في وقت واحد ، وهو آكد في الائتلاف ، وهو من الأسماء التي لا تتعرّف بالإضافة ، لأنه في معنى الصفة إذ معناه مساويك ، ومثله : خدنك لأنه بمعنى مصاحبك ؛ قال القرطبي : سن واحد وهو ثلاث وثلاثون سنة ؛ يقال في النساء : أتراب ، وفي الرجال : أقران ؛ وكانت العرب تميل إلى من جاوزت حدّ الفتى من النساء ، وانحطت عن الكبر ؛ وقال مجاهد : الأتراب الأمثال والأشكال . وقال السدّي : أتراب في الأخلاق لا تباغض فيهن ولا تحاسد ، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «يدخل أهل الجنة الجنة جرداً مرداً بيضاً محجلين أبناء ثلاثين أو قال ثلاثاً وثلاثين على خلق آدم عليه السلام ستون ذراعاً في سبعة أذرع » . وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال : «من مات من أهل الجنة من صغير وكبير يردون بنى ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبداً وكذلك أهل النار » . وعن أبي سعيد الخدري : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم ، واثنان وسبعون ألف زوجة ، وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية وصنعاء ، ينظر وجهه في خدّها أصفى من المرآة وإن أدنى لؤلؤة عليها تضئ ما بين المشرق والمغرب ، وأنه ليكون عليها سبعون ثوباً ينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك » . وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن أدنى أهل الجنة منزلة وما منهم دنيء لمن يغدو عليه ويروح عشرة آلاف خادم مع كل واحد منهم ظريفة ليست مع صاحبه .