فلما دعا العباد النظر إلى لآياته الموجبة لخشيته والإنابة إليه ، أمر بما هو المقصود من ذلك ، وهو الفرار إليه أي : الفرار مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا ، إلى ما يحبه ، ظاهرًا وباطنًا ، فرار من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الإيمان ، ومن المعصية إلى الطاعة ، و من الغفلة إلى ذكر الله فمن استكمل هذه الأمور ، فقد استكمل الدين كله وقد زال عنه المرهوب ، وحصل له ، نهاية المراد{[863]} والمطلوب .
وسمى الله الرجوع إليه ، فرارَا ، لأن في الرجوع لغيره ، أنواع المخاوف والمكاره ، وفي الرجوع إليه ، أنواع المحاب والأمن ، [ والسرور ] والسعادة والفوز ، فيفر العبد من قضائه وقدره ، إلى قضائه وقدره ، وكل من خفت منه فررت منه إلى الله تعالى ، فإنه بحسب الخوف منه ، يكون الفرار إليه ، { إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : منذر لكم من عذاب الله ، ومخوف بين النذارة .
والفاء فى قوله : { ففروا إِلَى الله . . . } للتفريع على قوله - تعالى - { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ، أى : ما دام الأمر كما ذكرت لكم من وجود التذكر والاعتبار ، ففروا إلى الله من معصيته إلى طاعته ، ومن كفره إلى شكره ، ومن السيئات إلى الحسنات .
قال الإمام الرازى ما ملخصه : وفى هذا التعبير لطائف ؛ لأنه ينبىء عن سرعة الإهلاك ، كأنه يقول : الاهلاك والعذاب أسرع وأقرب ، من أن يحتمل الحال الإبطاء فى الرجوع . فافزعوا سريعا إلى الله - تعالى - وفروا إلى طاعته ، فإنه لا مهرب منه .
وقوله : { إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } تعليل للأمر بالفرار ، أى : أسرعوا إلى طاعة الله - تعالى - إنى لكم من عقابه المعد لمن يصر على معصيته نذير بَيّن الإنذار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.