وقوله - تعالى - : { وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأمثال . . } بيان لمظهر من مظاهر رحمة الله - تعالى - : حيث إنه - سبحانه - لا يهلك الأمم إلا بعد أن يسوق لها ما يرشدها ، فتأبى إلا السير فى طريق الغي والعصيان . و " كلا " منصوب بفعل مضمر يدل عليه ما بعده . فإن ضرب المثل فى معنى التذكير والتحذير ، والتنوين عوض عن المضاف إليه .
أى : وأنذرنا كل فريق من القرون الماضية المكذبة ، وضربنا له الأمثال الحكيمة الكفيلة بإرشاده إلى طريق الحق ، ولكنه استحب العمى على الهدى ، والضلالة على الهداية ، فكانت عاقبته كما قال - تعالى - بعد ذلك { وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً } .
أى : وكل قرن من هؤلاء المكذبين أهلكناه إهلاكا لا قيام له منه ، وأصل التتبير : التفتيت . وكل شىء فتته وكسرته فقد تبرته . ومنه التبر لفتات الذهب والفضة .
والمراد به هنا التمزيق والإهلاك الشديد الذى يستأصل من نزل به .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا}، وكلا دمرنا بالعذاب تدميرا.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله "وكُلاً ضَرَبْنا لَهُ الأَمْثالَ "يقول تعالى ذكره: وكل هذه الأمم التي أهلكناها التي سميناها لكم أو لم نسمها "ضربنا له الأمثال"، يقول: مثلنا له الأمثال ونبهناها على حججنا عليها، وأعذرنا إليها بالعبر والمواعظ، فلم نهلك أمة إلا بعد الإبلاغ إليهم في المعذرة...
وقوله: "وكُلاّ تَبّرْنَا تَتْبِيرا" يقول تعالى ذكره: وكل هؤلاء الذين ذكرنا لكم أمرهم استأصلناهم، فدمرناهم بالعذاب إبادة، وأهلكناهم جميعا.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي ذكرنا لأهل مكة أمثال من تقدم منهم من الأمم، من المكذبين والمصدقين وما حل بهم، وما إليه آلت عاقبة أمورهم بالتكذيب.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
"وكلا تبرنا تتبيرا" أي أهلكنا كلا منهم إهلاكا. والتتبير: تكبير الإهلاك...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{ضَرَبْنَا لَهُ الامثال}: بينا له القصص العجيبة من قصص الأوّلين، ووصفنا لهم ما أجروا إليه من تكذيب الأنبياء، وجرى عليهم من عذاب الله وتدميره. والتتبير: التفتيت والتكسير. ومنه: التبر، وهو كسار الذهب والفضة والزجاج.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما قدم سبحانه أنه يأتي في هذا الكتاب بما هو الحق في جواب أمثالهم، بين أنه فعل بالجميع نحو من هذا، فقال تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم وتأسية وبياناً لتشريفه بالعفو عن أمته: {وكلاًّ} أي من هذه الأمم {ضربنا} بما لنا من العظمة {له الأمثال} حتى وضح له السبيل، وقام -من غير شبهة- الدليل {وكلاًّ تبرنا تتبيراً} أي جعلناهم فتاتاً قطعاً بليغة التقطيع، لا يمكن غيرنا أن يصلها ويعيدها إلى ما كانت عليه قبل التفتيت.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والتتبير: التفتيت للأجسام الصلبة كالزجَاج والحديد...
ومعنى ضرب الأمثال: قولها وتبيينها...
والمَثَل: النظير والمشابه، أي بيّنا لهم الأشباه والنظائر في الخير والشر ليعرضوا حال أنفسهم عليها. قال تعالى: {وسَكَنْتُم في مَساكِن الذين ظَلَموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعَلْنا بهم وضربنا لكم الأمثال} [إبراهيم: 45].
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
لكننا لم نجاز أولئك على غفلة أبداً، بل (وكلاّ ضربنا له الأمثال). أجبنا على إشكالاتهم، مثل الإِجابة على الإِشكالات التي يوردونها عليك، وبينّا لهم الأحكام الإِلهية وحقائق الدين. أخطرناهم، أنذرناهم، كررنا عليهم مصائر وقصص الماضين، لكن حين لم ينفع أيُّ من ذلك أهلكناهم ودمّرناهم تدميراً: (وكلا تّبرنا تتبيراً).
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.