وقوله { إِنَّا كَفَيْنَاكَ المستهزئين } تعليل للأمر بالجهر بالدعوة ، بعد أن مكث صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الاسلام سرًا ثلاث سنين أو أكثر .
وقوله { كفيناك . . } من الكفاية . تقول : كفيت فلانًا المؤنة إذا توليتها عنه ، ولم تحوجه إليها . وتقول : كفيتك عدوك أى : كفيتك بأسه وشره .
والمراد بالمستهزئين : أكابر المشركين في الكفر والعداوة والاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم .
أى : إنا كفينا الانتقام من المستهزئين بك وبدعوتك ، وأرحناك منهم ، بإهلاكهم . وذكر بعضهم أن المراد بهم خمسة من كبرائهم ، وهم : الوليد بن المغيرة ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب ، والحارث بن عيطل ، والعاص بن وائل : وقد أهلكهم الله جميعًا بمكة ، وكان هلاكهم العجيب من أهم الصوارف لأتباعهم عن الاستهزاء بالنبى صلى الله عليه وسلم .
قال الإِمام الرازى : واعلم أن المفسرين قد اختلفوا في عدد هؤلاء المستهزئين ، وفى أسمائهم ، وفى كيفية طريق استهزائهم ، ولا حاجة إلى شيء منها .
والقدر المعلوم أنهم طبقة لهم قوة وشوكة ورياسة ، لأن أمثالهم هم الذين يقدرون على إظهار مثل هذه السفاهة ، مع مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم في علو قدره ، وعظم منصبه ، ودل القرآن على أن الله - تعالى - أفناهم وأبادهم وأزال كيدهم .
{ إنا كفيناك المستهزئين } بقمعهم وإهلاكهم . قيل كانوا خمسة من أشراف قريش : الوليد بن المغيرة ، و العاص بن وائل ، وعدي بني قيس ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب ، يبالغون في إيذائه النبي صلى الله عليه وسلم والاستهزاء به فقال جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أكفيكهم ، فأومأ إلى ساق الوليد فمر بنبال فتعلق بثوبه سهم فلم ينعطف تعظما لأخذه ، فأصاب عرقا في عقبه فقطعه فمات ، وأومأ إلى أخمص العاص فدخلت فيه شوكة فانتفخت رجله حتى صارت كالرحى ومات ، وأشار إلى أنف عدي بن قيس فامتخط قيحا فمات ، وإلى الأسود بن عبد يغوث وهو قاعد في أصل شجرة فجعل ينطح برأسه الشجرة ويضرب وجهه بالشوك حتى مات ، وإلى عيني الأسود بن المطلب فعمي .
ثم أعلمه الله تعالى بأنه قد كفاه { المستهزئين } من كفار مكة ببوائق إصابتهم من الله تعالى لم يسع فيها محمد ولا تكلف فيها مشقة ، وقال عروة بن الزبير وسعيد بن جبير : «المستهزئون » خمسة نفر : الوليد بن المغيرة ، والعاصي بن وائل ، والأسود بن المطلب أبو زمعة ، والأسود بن عبد يغوث ، ومن خزاعة الحارث بن الطلاطلة ، وهو ابن غيطلة ، وهو ابن قيس ، قال أبو بكر الهذلي : قلت للزهري : إن ابن جبير وعكرمة اختلفا في رجل من المستهزئين ، فقال ابن جبير هو الحارث بن غيطلة ، وقال عكرمة هو الحارث بن قيس ، فقال الزهري صدقا أمه غيطلة وأبوه قيس وذكر الشعبي في { المستهزئين } هبار بن الأسود ، وذلك وهم لأن هباراً أسلم يوم الفتح ورحل إلى المدينة ، وذكر الطبري عن ابن عباس : أن { المستهزئين } كانوا ثمانية كلهم مات قبل بدر ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المسجد ، فأتاه جبريل فجاز الوليد فأومأ جبريل بأصبعه إلى ساقه ، وقال للنبي عليه السلام : كفيت ثم جاز العاصي ، فأومأ إلى أخمصه ، وقال : كفيت ، ثم مر أبو زمعة فأومأ إلى عينه ، ثم مر الأسود بن عبد يغوث ، فأومأ إلى أخمصه ، وقال : كفيت ، ثم مر أبو زمعة فأومأ إلى عينه ، ثم مر الأسود بن عبد يغوث ، فأومأ إلى رأسه ، وقال كفيت ، ثم مر الحارث ، فأومأ إلى بطنه ، وقال : كفيت ، وكان الوليد قد مر بقين في خزاعة فتعلق سهم من نبله بإزاره ، فخدش ساقه ، ثم برىء فانتقض به ذلك الخدش بعد إشارة جبريل ، فقتله ، وقيل إن السهم قطع أكحله{[7231]} ، قاله قتادة ومقسم ، وركب العاصي بغلة في حاجة فلما جاء ينزل وضع أخمصه على شبرقه{[7232]} فورمت قدمه فمات ، وعمي أبو زمعة ، وكان يقول : دعا علي محمد بالعمى فاستجيب له ، ودعوت عليه بأن يكون طريداً شريداَ فاستجيب لي ، وتمخض رأس الأسود بن عبد يغوث قيحاً فمات ، وامتلأ بطن الحارث ماء فمات حيناً{[7233]} .
قال القاضي أبو محمد : وفي ذكر هؤلاء وكفايتهم اختلاف بين الرواة في صفة أحوالهم ، وما جرى لهم ، جليت أصحه مختصراً طلب الإيجاز .
جملة { إنا كفيناك المستهزئين } تعليل للأمر بالإعلان بما أمر به ، فإن اختفاء النبي صلى الله عليه وسلم بدار الأرقم كان بأمر من الله تعالى لحكمة علمها الله أهمّها تعدّد الداخلين في الإسلام في تلك المدّة بحيث يغتاظ المشركون من وفرة الداخلين في الدّين مع أن دعوته مخفية ، ثم إن الله أمر رسوله عليه الصلاة والسلام بإعلان دعوته لحكمة أعلى تهيّأ اعتبارها في علمه تعالى .
والتّعبير عنهم بوصف { المستهزئين } إيماء إلى أنّه كفاه استهزاءهم وهو أقلّ أنواع الأذى ، فكفايته ما هو أشدّ من الاستهزاء من الأذى مفهوم بطريق الأحْرى .
وتأكيد الخبر ب ( إنّ ) لتحقيقه اهتماماً بشأنه لا للشكّ في تحقّقه .
والتّعريف في { المستهزءين } للجنس فيفيد العموم ، أي كفيناك كل مستهزء . وفي التّعبير عنهم بهذا الوصف إيماء إلى أن قصارى ما يؤذونه به الاستهزاء ، كقوله تعالى : { لن يضروكم إلا أذى } [ سورة آل عمران : 111 ] ، فقد صرفهم الله عن أن يؤذوا النبي بغير الاستهزاء . وذلك لطف من الله برسوله .
ومعنى الكفاية تولّي الكافي مهم المكفي ، فالكافي هو متولي عمل عن غيره لأنه أقدر عليه أو لأنه يبتغي راحة المكفي . يقال : كفيتُ مهمك ، فيتعدّى الفعل إلى مفعولين ثانيهما هو المهم المكفي منه . فالأصل أن يكون مصدراً فإذا كان اسم ذات فالمراد أحواله التي يدلّ عليها المقام ، فإذا قلت : كفيتك عدوّك ، فالمراد : كفيتك بأسه ، وإذا قلت : كفيتك غريمك ، فالمراد : كفيتك مطالبتَه . فلما قال هنا { كفيناك المستهزئين } فهم أن المراد كفيناك الانتقام منهم وإراحتك من استهزائهم . وكانوا يستهزئون بصنوف من الاستهزاء كما تقدم .
ويأتي في آيات كثيرة من استهزائهم استهزاؤهم بأسماء سور القرآن مثل سورة العنكبوت وسورة البقرة ، كما في « الإتقان » في ذكر أسماء السور .
وعُد من كبرائهم خمسة هم : الوليد بن المغيرة ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطّلب ، والحارث بن عيطلة ( ويقال ابن عيطل وهو اسم أمّه دُعِي لها واسم أبيه قيس . وفي « الكشاف » و« القرطبي » أنه ابن الطُلاَطِلَة ، ومثله في « القاموس » ، وهي بضم الطاء الأولى وكسر الطاء الثّانية ) والعاصي بن وائل ، هلكوا بمكّة متتابعين ، وكان هلاكهم العجيب المحكي في كتب السيرة صارفاً أتباعهم عن الاستهزاء لانفراط عِقدهم .
وقد يكون من أسباب كفايتهم زيادة الداخلين في الإسلام بحيث صار بأس المسلمين مخشيّاً ؛ وقد أسلم حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه فاعتزّ به المسلمون ، ولم يبق من أذى المشركين إياهم إلاّ الاستهزاء ، ثم أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فخشيه سفهاء المشركين ، وكان إسلامه في حدود سنة خمس من البعثة .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
إنا كفيناك المستهزئين يا محمد، الذين يستهزئون بك ويسخرون منك، فاصدع بأمر الله، ولا تَخَفْ شيئا سوى الله، فإن الله كافيك من ناصبك وآذاك كما كفاك المستهزئين. وكان رؤساء المستهزئين قوما من قريش معروفين. ذكر أسمائهم:
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: ثني محمد،، قال: كان عظماء المستهزئين كما حدثني يزيد بن رومان عن عُروة بن الزّبير خمسة نَفَر من قومِه، وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم: من بني أسد بن عبد العُزّي بن قُصَيّ: الأسود بن المطلب أبو زَمْعة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه، فقال: «اللهمّ أعم بصره، وأثْكِلْهُ وَلَدَهُ». ومن بني زهرة: الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زُهرة. ومن بني مخزوم: الوليدُ بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم. ومن بني سهم بن عمرو بن هُصَيص بن كعب بن لؤيّ: العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سعد بن سَهْم. ومن خُزاعة: الحارث بن الطّلاطلة بن عمرو بن الحارث بن عمرو بن مَلْكان. فلما تمادَوْا في الشرّ وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء، أنزل الله تعالى ذكره:"فاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وأعْرِضْ عَنِ المُشْرِكينَ إنّا كَفَيْناكَ المُسْتَهْزِئِينَ" إلى قوله: "فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ". قال محمد بن إسحاق: فحدثني يزيد بن رومان، عن عُروة بن الزبير أو غيره من العلماء: أن جبرئيل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يطوفون بالبيت فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، فمرّ به الأسود بن المطلب، فرمى في وجهه بورقة خضراء، فعَمِي. ومرّ به الأسود بن عبد يغوث، فأشار إلى بطنه فاسْتَسْقَى بطنه فمات منه حبنا. ومرّ به الوليد بن المُغيرة، فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله كان أصابه قبل ذلك بسنتين، وهو يجرّ سَبَلَهُ، يعني إزاره وذلك أنه مرّ برجل من خزاعة يَريش نبلاً له، فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش رجله ذلك الخدش وليس بشيء، فانتقَضَ به فقتله. ومرّ به العاص بن وائل السّهمِيّ، فأشار إلى أخمص رجله، فخرج على حمار له يريد الطائف فوُقِصَ على شِبْرِقة، فدخل في أخمص رجله منها شوكة، فقتلته قال أبو جعفر: الشّبرقة: المعروف بالحَسَك، منه حَبَنا، والحَبَن: الماء الأصفر. ومرّ به الحارث بن الطّلاطلة، فأشار إلى رأسه، فامتخض قيحا فقتله...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قال بعضهم: {كفيناك المستهزئين} الكفرة جميعا، فمنعناهم عن أن يصلوا إليك على ما قصدوا إليك من إهلاكك وغيره...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
الذين دَفَعْنَا عنكَ عاديةَ شَرِّهم، ودَرَأْنا عنكَ سوءَ مكرهم، ونصرناك بموجب عنايتنا بشأنك.. فلا عليكَ فيما يقولون أو يفعلون، فما العقبى إلا لَك بالنصر والظفر.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ثم أعلمه الله تعالى بأنه قد كفاه {المستهزئين} من كفار مكة ببوائق أصابتهم من الله تعالى لم يسع فيها محمد ولا تكلف فيها مشقة...
...واعلم أن المفسرين قد اختلفوا في عدد هؤلاء المستهزئين وفي أسمائهم وفي كيفية طريق استهزائهم، ولا حاجة إلى شيء منها، والقدر المعلوم أنهم طبقة لهم قوة وشوكة ورياسة لأن أمثالهم هم الذين يقدرون على إظهار مثل هذه السفاهة مع مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم في علو قدره وعظم منصبه، ودل القرآن على أن الله تعالى أفناهم وأبادهم وأزال كيدهم، والله أعلم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان هذا الصدع في غاية الشدة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكثرة ما يلقى عليه الأذى، خفف عنه سبحانه بقوله معللاً له: {إنا كفيناك} أي بما لنا من العظمة {المستهزئين} أي شر الذين هم عريقون في الاستهزاء بك وبما جئت به، فأقررنا عينك بإهلاكهم، وزال عنك ثقل ما آذوك به، وبقي لك أجره، وسنكفيك غيرهم كما كفيناكهم...
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :
{إِنَّا كفيناك المستهزئين} مع كونهم كانوا من أكابر الكفار، وأهل الشوكة فيهم فإذا كفاه الله أمرهم بقمعهم وتدميرهم كفاه أمر من هو دونهم بالأولى...
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
{إنا كفيناك المستهزئين} وهذا ضمان منه تعالى، له صلوات الله عليه، لينهض بالصدع نهضة من لا يهاب ولا يخشى. كما قال تعالى: {يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس}.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
جملة {إنا كفيناك المستهزئين} تعليل للأمر بالإعلان بما أمر به، فإن اختفاء النبي صلى الله عليه وسلم بدار الأرقم كان بأمر من الله تعالى لحكمة علمها الله أهمّها تعدّد الداخلين في الإسلام في تلك المدّة بحيث يغتاظ المشركون من وفرة الداخلين في الدّين مع أن دعوته مخفية، ثم إن الله أمر رسوله عليه الصلاة والسلام بإعلان دعوته لحكمة أعلى تهيّأ اعتبارها في علمه تعالى. والتّعبير عنهم بوصف {المستهزئين} إيماء إلى أنّه كفاه استهزاءهم وهو أقلّ أنواع الأذى، فكفايته ما هو أشدّ من الاستهزاء من الأذى مفهوم بطريق الأحْرى. وتأكيد الخبر ب (إنّ) لتحقيقه اهتماماً بشأنه لا للشكّ في تحقّقه. والتّعريف في {المستهزءين} للجنس فيفيد العموم، أي كفيناك كل مستهزئ. وفي التّعبير عنهم بهذا الوصف إيماء إلى أن قصارى ما يؤذونه به الاستهزاء، كقوله تعالى: {لن يضروكم إلا أذى} [سورة آل عمران: 111]، فقد صرفهم الله عن أن يؤذوا النبي بغير الاستهزاء. وذلك لطف من الله برسوله. ومعنى الكفاية تولّي الكافي مهم المكفي، فالكافي هو متولي عمل عن غيره لأنه أقدر عليه أو لأنه يبتغي راحة المكفي. يقال: كفيتُ مهمك، فيتعدّى الفعل إلى مفعولين ثانيهما هو المهم المكفي منه. فالأصل أن يكون مصدراً فإذا كان اسم ذات فالمراد أحواله التي يدلّ عليها المقام، فإذا قلت: كفيتك عدوّك، فالمراد: كفيتك بأسه، وإذا قلت: كفيتك غريمك، فالمراد: كفيتك مطالبتَه. فلما قال هنا {كفيناك المستهزئين} فهم أن المراد كفيناك الانتقام منهم وإراحتك من استهزائهم. وكانوا يستهزئون بصنوف من الاستهزاء...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
بإهلاكهم من جهة، أو بتدمير خططهم من جهةٍ أخرى، وإضعاف موقفهم في المعارضة والمواجهة وتقوّية موقفك في تأكيد رسالتك في ساحة الدعوة والعمل.
وقد لا يكون من الضروري أن تحصل كفاية الله النبي المستهزئين، بالطريقة الغيبية التي تحصل بإبعادهم وتدميرهم، بشكل مباشر، بل قد تحصل بالوسائل الواقعية المتمثلة بالأخذ بالأسباب الطبيعية المؤثرة في نجاح الدعوة، بثبات الرسول والمسلمين معه، أمام أوضاع التحدي، واهتزاز موقف المعارضين، وخلخلة مواقعهم لضعف موقفهم الداخلي الذي لا يحمل قضيّةً ولا يدافع عن رسالة، بل يتحرك من جوانب ذاتيّة لا عمق لها في الحياة، ولا امتداد يكفل لها الاستمرار والبقاء، وفي ضوء ذلك، ينبغي للعاملين أن يتطلعوا إلى نصر الله ولطفه، من مواقع العمل الدائب الذي يحقق للساحة أفضل النتائج الإيجابية عبر الأسباب الواقعية التي تحكم القضايا والأشياء، ولا بدّ لهم من أن يواجهوا المشاكل الطارئة بعقلٍ مفتوحٍ، لا يتعقّد من نتائجها السلبية، بل يعتبرها حالةً طبيعيةً، تثير الرغبة في التفكير، بدلاً من أن تثير الحزن والانفعال.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
...إِنّ مجيء الفعل بصيغة الماضي في هذه الآية مع أنّ المراد المستقبل يشير إلى حتمية الحماية الرّبانية، أيّ: سندفع عنك شر المستهزئين، حتماً مقضياً.