البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّا كَفَيۡنَٰكَ ٱلۡمُسۡتَهۡزِءِينَ} (95)

ثم أخبره تعالى أنه كفاه المستهزئين بمصائب أصابتهم لم يسع فيها الرسول ولا تكلف لها مشقة .

قال عروة وابن جبير هم خمسة الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب وأبو زمعة والأسود بن عبد يغوث ومن بني خزاعة الحرث بن الطلاطلة .

قال أبو بكر الهذلي قلت للزهري أن ابن جبير وعكرمة اختلفا في رجل من المستهزئين فقال ابن جبير هو الحرث بن عيطلة وقال عكرمة هو الحرث بن قيس فقال الزهري صدقا إنه عيطلة وأبوه قيس وذكر الشعبي في المستهزئين هبار بن الأسود وذلك وهم لأن هباراً أسلم يوم الفتح ورحل إلى المدينة .

وعن ابن عباس أن المستهزئين كانوا ثمانية وفي رواية مكان الحرث بن قيس عدي بن قيس .

وقال الشعبي وابن أبي بزة كانوا سبعة فذكر الوليد والحرث بن عدي والأسودين والأثرم وبعكك ابني الحرث بن السباق وكذا قال مقاتل إلا أنه قال مكان الحرث بن عدي الحرث بن قيس السهمي وذكر المفسرون والمؤرخون أن جبريل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أكفيكهم فأومأ إلى ساق الوليد فمر بنبال فتعلق بثوبه فمنعه الكبر أن يطامن لنزعه فأصاب عرقاً في عقبه .

قال قتادة ومقسم وهو الأكحل فقطعه فمات وأومأ إلى أخمص العاصي فدخلت فيه شوكة .

وقيل ضربته حية فانتفخت رجله حتى صارت كالرحى ومات وأومأ إلى عيني الأسود بن المطلب فعمي وهلك وأشار إلى أنف الحرث بن قيس فامتخط قيحاً فمات .

وقيل أصابته سموم فاسودّ حتى صار كأنه حبشي فأتى أهله فلم يعرفوه وأغلقوا الباب في وجهه فصار يطوف في شعاب مكة حتى مات وفي بعض ما أصاب هؤلاء اختلاف والله أعلم .

وقال مقاتل أصاب الأثرم أو بعككاً الدبيلة والآخر ذات الجنب فماتا