روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{إِنَّا كَفَيۡنَٰكَ ٱلۡمُسۡتَهۡزِءِينَ} (95)

{ إِنَّا كفيناك المستهزئين } بك أو بك وبالقرآن كما روي عن ابن عباس بقمعهم وتدميرهم . أخرج الطبراني في الأوسط . والبيهقي . وأبو نعيم كلاهما في الدلائل . وابن مردويه بسند حسن قال : المستهزئون الويد بن المغيرة . والأسود بن عبد يغوث . والأسود بن المطلب . والحرث بن عيطل السهمي . والعاص بن وائل فأتاه جبريل عليه السلام فشكاهم إليه فأراه الوليد فأومأ جبريل عليه السلام إلى أكحله فقال صلى الله عليه وسلم : ما صنعت شيئاً قال : كفيتكه ، ثم أراه الأسود بن المطلب فأومأ إلى عينيه فقال : ما صنعت شيئاً قال : كفيتكه ، ثم أراه الأسود بن عبد يغوث فأومأ إلى رأسه فقال : ما صنعت شيئاً قال : كفيتكه ؛ ثم أراه الحرث فأومأ إلى بطنه فقال : ما صنعت شيئاً قال : كفيتكه ، ثم أراه العاص بن وائل فأومأ إلى أخمصه فقال : ما صنعت شيئاً قال : كفيتكه . فأما الوليد فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلاً فأصاب أكحله فقطعها ، وأما الأسود بن المطلب فنزل تحت سمرة فجعل يقول : يا بني ألا تدفعون عني قد هلكت أطعن بالشوك في عيني فجعلوا يقولون : ما نرى شيءاً فلم يزل كذلك حتى عميت عيناه ، وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها ؛ وأما الحرث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج رجيعه من فيه فمات منه ، وأما العاص فركب إلى الطائف فربض على شبرقة فدخل في أخمص قدمه شوكة فقتلته ، وقال الكرماني في «شرح البخاري » : إن المستهزئين هم السبعة الذين ألقوا الأذى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي كما جاء في حديث البخاري وهم : عمرو بن هشام . وعتبة بن ربيعة . وشيبة بن ربيعة . والوليد بن عتبة . وأمية بن خلف . وعقبة بن معيط ، وعمارة بن الوليد ، وفي الأعلام للسهيلي أنهم قذفوا بقليب بدر وعدهم بخلاف ما ذكر . وفي «الدر المنثور » وغيره روايات كثيرة مختلفة في عدتهم( {[518]} ) وأسمائهم وكيفية هلاكهم ، وعد الشعبي منهم هبار بن الأسود . وتعقبه في «البحر » بأن هباراً أسلم يوم الفتح ورحل إلى المدينة فعده وهم ، وهذا متعين إذا كانت كفايته عليه السلام إياهم بالإهلاك كما هو الظاهر ، وقد ذكر الإمام نحو ما ذكرنا من اختلاف الروايات ثم قال : ولا حاجة إلى شيء من ذلك ، والقدر المعلوم أنهم كانوا طائفة لهم قوة وشوكة لأن أمثالهم هم الذين يقدرون على مثل هذه السفاهة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في علو قدره وعظم منصبه ، ودل القرآن على أن الله سبحانه أفناهم وأبادهم وأزال كيدهم .


[518]:- عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم كانوا ثمانية اهـ منه.