المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

84- فلا يضق صدرك - أيها الرسول - بكفرهم ، ولا تستعجل لهم العذاب ، فإنما نتركهم في الدنيا أمداً محدوداً ونحصي عليهم أعمالهم وذنوبهم ، لنحاسبهم عليها في الآخرة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

{ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ } أي : على هؤلاء الكفار المستعجلين بالعذاب { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا } أي أن لهم أياما معدودة لا يتقدمون عنها ولا يتأخرون ، نمهلهم ونحلم عنهم مدة ليراجعوا أمر الله ، فإذا لم ينجع فيهم ذلك أخذناهم أخذ عزيز مقتدر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

ثم بين - عز وجل - أن هؤلاء الكافرين قد استحوذت عليهم الشياطين فزادتهم كفرا على كفرهم ، فقال - تعالى - : { أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشياطين عَلَى الكافرين تَؤُزُّهُمْ أَزّاً فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } .

والاستفهام للتقرير والتأكد و { تَؤُزُّهُمْ } تحركهم تحريكا قويا . وتهزهم هزا شديداً ، وتحرضهم على ارتكاب المعاصى والموبقات حتى يقعوا فيها .

يقال : أز فلان الشىء يئزه ويؤزه . . . بكسر الهمزة وضمها أزا ، إذا حركه بشدة ، وأز فلان فلانا ، إذا أغراه وهيجه وحثه على فعل شىء معين ، وأصله من أزت القدر تؤز أزيزا ، إذا اشتد غليان الماء فيها .

والمعنى : لقد علمت أنت وأتباعك أيها الرسول الكريم ، أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين ، وسلطناهم عليهم ، وقيضناهم لهم ، لكى يحضوهم على ارتكاب السيئات ، ويحركوهم تحريكا شديداً نحو الموبقات حتى يقترفوها وينغمسوا فيها . . .

وما دام الأمر كذلك . فذرهم فى طغيانهم يعمهون ، ولا تتعجل وقوع العذاب بهم . فإن الله - تعالى - قد حدد - بمقتضى حكمته - وقتا عينا لنزول العذاب بهم .

وقوله : { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } يعنى الأيام والليالى والشهور والسنين إلى انتهاء أجل العذاب . . . وقال الضحاك : نعد أنفسهم وقال قطرب : نعد أعمالهم عدا .

روى أن المأمون قرأ هذه السورة فمر بهذه الآية وعنده جماعة من الفقهاء فأشار برأسه إلى ابن السماك أن يعظه ، فقال : إذا كانت الأنفاس بالعدد ، ولم يكن له مدد ، فما أسرع ما تنفد ، وقيل فى هذا المعنى :

حياتك أنفاس تعد فكلما . . . مضى نفس منك انتقصت به جزءا

يميتك ما يحييك فى كل ليلة . . . ويحدوك حاد ما يريد به الهزءا

وكان ابن عباس - رضى الله عنهما - إذا قرأ هذه الآية بكى وقال : آخر العدد : خروج نفسك . آخر العدد : فراق أهلك آخر العدد : دخول قبرك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

( فلا تعجل عليهم )ولا يضق صدرك بهم ؛ فإنهم ممهلون إلى أجل قريب ، وكل شيء من أعمالهم محسوب عليهم ومعدود . . والتعبير يصور دقة الحساب تصويرا محسوسا ( إنما نعد لهم عدا ) . . وإنه لتصوير مرهوب ، فيا ويل من يعد الله عليه ذنوبه وأعماله وأنفاسه ، ويتتبعها ليحاسبه الحساب العسير . . إن الذي يحس أن رئيسه في الأرض يتتبع أعماله وأخطاءه يفزع ويخاف ويعيش في قلق وحسبان . . فكيف بالله المنتقم الجبار ? !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

وقوله : { فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا } أي : لا تعجل يا محمد على هؤلاء في وقوع العذاب بهم ، { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا } أي : إنما نؤخرهم لأجل معدود مضبوط ، وهم صائرون لا محالة إلى عذاب الله ونكاله ، { وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ } [ إبراهيم : 42 ] ، { فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا } [ الطارق : 17 ] { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا } [ آل عمران : 178 ] ، { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ لقمان : 24 ] ، { قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ } [ إبراهيم : 30 ] .

قال السدي : { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا } السنين ، والشهور ، والأيام ، والساعات .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا } قال : نعد أنفاسهم في الدنيا .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

وقوله : فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إنّمَا نَعُدّ لَهُمْ عَدّا يقول عزّ ذكره : فلا تعجل على هؤلاء الكافرين بطلب العذاب لهم والهلاك ، يا محمد إنما تعدّ لهم عدّا يقول : فإنما نؤخر إهلاكهم ليزدادوا إثما ، ونحن نعدّ أعمالهم كلها ونحصيها حتى أنفاسهم لنجازيهم على جميعها ، ولم نترك تعجيل هلاكهم لخير أردناه بهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : إنّما تَعُدّ لَهُمْ عَدّا يقول : أنفاسهم التي يتنفسون في الدنيا ، فهي معدودة كسنهم وآجالهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

{ فلا تعجل عليهم } بأن يهلكوا حتى تستريح أنت والمؤمنون من شرورهم وتطهر الأرض من فسادهم . { إنما نعد لهم } أيام آجالهم . { عدا } والمعنى لا تعجل بهلاكهم فإنه لم يبق له إلا أيام محصورة وأنفاس معدودة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

وقوله { فلا تعجل عليهم } أي لا تستبطىء عذابهم وتحب تعجيله ، وقوله { نعد لهم عداً } أي مدة نعمتهم وقبيح أعمالهم لنصيرهم إلى العذاب إما في الدنيا ، وإلا ففي الآخرة . وقال ابن عباس : نعد أنفاسهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

فرع على هذا الاستئناف وهذه التسلية قوله : { فلا تعجل عليهم } أي فلا تستعجل العذاب لهم إنما نُعدّ لهم عَدّاً ، وعبر ب { تَعجل عليهم } معدى بحرف الاستعلاء إكراماً للنبيء صلى الله عليه وسلم بأن نزل منزلة الذي هلاكهم بيده . فنهى عن تعجيله بهلاكهم . وذلك إشارة إلى قبول دعائه عند ربّه ، فلو دعا عليهم بالهلاك لأهلكهم الله كيلا يُردّ دعوة نبيئه صلى الله عليه وسلم لأنه يقال : عَجل على فلان بكذا ، أي أسرع بتسليطه عليه ، كما يقال : عجِل إليه إذا أسرع بالذهاب إليه كقوله : { وعجلت إليك ربّ لترضى } [ طه : 84 ] ، فاختلاف حروف تعدية فعل عجل ينبىء عن اختلاف المعنى المقصود بالتعجيل .

ولعل سبب الاختلاف بين هذه الآية وبين قوله تعالى : { ولا تستعجل لهم } في سورة الأحقاف ( 35 ) أنّ المراد هنا استعجال الاستئصال والإهلاك وهو مقدّر كونه على يد النبي ، فلذلك قيل هنا : { فلا تعجل عليهم } ، أي انتظر يومهم الموعود ، وهو يوم بدر ، ولذلك عقب بقوله : { إنّما نعدّ لهم عدّاً } ، أي نُنظرهم ونؤجلهم ، وأنّ العذاب المقصود في سورة الأحقاف هو عذاب الآخرة لوقوعه في خلال الوعيد لهم بعذاب النار لقوله هنالك : { ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } [ الأحقاف : 34 ، 35 ] .

والعدّ : الحساب .

و { إنّما } للقصر ، أي ما نحن إلا نَعُدّ لهم ، وهو قصر موصوف على صفة قصراً إضافياً ، أي نعد لهم ولسنا بناسين لهم كما يظنون ، أو لسنا بتاركينهم من العذاب بل نؤخرهم إلى يوم موعود .

وأفادت جملة { إنما نعدّ لهم عدّاً } تعليل النهي عن التعجيل عليهم لأن { إنما } مركبة من ( إنّ ) و ( ما ) وإنّ تفيد التعليل كما تقدّم غير مرّة .

وقد استعمل العدّ مجازاً في قصر المدّة لأن الشيء القليل يُعدّ ويحسب . وفي هذا إنذار باقتراب استئصالهم .