محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

وقوله تعالى :

{ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ( 84 ) } .

{ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ } أي بوقوع العذاب بهم لتطهر الأرض منهم . و ( الفاء ) للإشعار بكون ما قبلها مظعة لوقوع المنهي عنه ، محوجة إلى النهي . يقال : عجلت عليه بكذا إذا استعجلته منه وقوله تعالى : { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا } تعليل لموجب النهي ببيان اقتراب هلاكهم . أي إنما نؤخرهم لأجل معدود مضبوط ، ونحوه قوله تعالى : { ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } .

قال الشهاب : العد كناية عن القلة . وقلته لتقضيه وفنائه ، كما قال المأمون ( ما كان ذا عدد ، ليس له مدد ، فما أسرع ما نفد ) ولا ينافي هذا ما مر من أنه يمد لمن كان في الضلالة . أي يطول . لأنه بالنسبة لظاهر الحال عندهم . وهو قليل باعتبار عاقبته وعند الله . ولله در القائل :

إن الحبيب من الأحباب مختلس *** لا يمنع الموت بواب ولا حرس

وكيف يفرح بالدنيا ولذتها *** فتى يعد عليه اللفظ والنفس