تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَا تَعۡجَلۡ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمۡ عَدّٗا} (84)

الآية 84 : وقوله تعالى : { فلا تعجل عليهم } أي لا تكافئهم على أذاهم إياك ، ولا تعاقبهم { إنما نعد لهم عدا } أي أنفاسهم [ التي ]{[12115]} يتنفسون في الدنيا ، فهي معدودة ، تنقضي آجالهم عن قريب ، فلا تكافئهم على ذلك وما يستقبلونك بالمكروه والسوء .

ثم وجه ما ذكر من إرسال الشياطين عليهم والتمكين لهم من الوسوسة في الصدور ، أعني صدور المؤمنين ، والنزع في ردعهم من غير أن يملكوا القهر والقسر على ذلك ، وما جعلهم بمحل ، لا نراهم نحن ، وهو يروننا ، على ما أخبر : { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } [ الأعراف : 27 ] .

فهو ، والله أعلم{[12116]} أن من علم بحضرته وقربه عدوا له ، يراقبه ، ويطلب الفرصة عليه ، يكون أحذر وأهيب له ممن لا يعلم ذلك ولا كان بقربه وحضرته عدو . وعلى ذلك ما جعل عز وجل من الحفظة والكرام الكاتبين ، صلوات الله عليهم ، على بني آدم رقباء عليهم في قليل ما يفعلون ، ويتفوهون ، وكثيره{[12117]} ، وإن كان قادرا على حفظ ذلك عليهم والتذكير لهم ، واحدا بعد واحد شيئا على إثر شيء . وذلك لما ذكرنا أن من علم أن عليه رقيبا ، يراقبه ، ويكتب عليه كل قليل أو كثير كان أحذر وأهيب ممن لم يعلم ذلك على نفسه رقيبا ، والله أعلم .


[12115]:ساقطة من الأصل وم.
[12116]:أدرج بعدها في الأصل وم: وذلك.
[12117]:في الأصل وم: وكثيرهم.