المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَذَلَّلۡنَٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا يَأۡكُلُونَ} (72)

72- وأخضعناها لهم ، فمنها ما يركبون ، ومنها ما يأكلون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَذَلَّلۡنَٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا يَأۡكُلُونَ} (72)

يأمر تعالى العباد بالنظر إلى ما سخر لهم من الأنعام وذللها ، وجعلهم مالكين لها ، مطاوعة لهم في كل أمر يريدونه منها ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَذَلَّلۡنَٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا يَأۡكُلُونَ} (72)

أما المنافع الأخرى فقد جاءت بعد ذلك فى قوله : { وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ . . . } أى : وجعلنا هذه الأنعام مذللة ومسخرة لهم ، بحيث أصبحت فى أيديهم سهلة القيادة ، مطواعة لما يريدونه منها ، يقودونها فتنقاد للصغير والكبير . كما قال القائل :

لقد عظُم البعير بغير لُبٍّ . . . فلم يستغن بالعِظًم البعيرُ

يصرِّفُه الصبى بكل وجه . . . ويحبسه على الخسف الجَرِيرُ

وتضربه الوليدة بالهراوى . . . فلا غِيرَ لديه ولان نكير

ففى هذه الجملة الكريمة تذكير لهم بنعمة تسخير الأنعام لهم ، ولو شاء - سبحانه - لجعلها وحشية بحيث ينفرون منها .

والفاء فى قوله : { فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ } تفريع على ما تقدم وركوب بمعنى مركوب .

أى : وصيرناهذه الأنعام مذللة ومسخرة لهم ، فمنها ما يستعملونه فى ركوبهم والانتقال عليها من مكان إلى آخر ، ومنها ما يستعملونه فى مآكلهم عن طريق ذبحه .

وفضلاً عن كل ذلك ، فإنهم " لهم " فى تلك الأنعام { منافع } أخرى غير الركوب وغير الأكل كالانتفاع بها فى الحراثة وفى نقل الأثقال . . . ولهم فيها - أيضاً - " مشارب " حيث يشربون من ألبانها .

والاستفهام فى قوله : { أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } للتخصيص على الشكر ، أى : فهلا يشكرون الله - تعالى - على هذه النعم ، ويخلصون له العبادة والطاعة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَذَلَّلۡنَٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا يَأۡكُلُونَ} (72)

وذللها لهم يركبونها ويأكلون منها ويشربون ألبانها ، وينتفعون بها منافع شتى . . وكل ذلك من قدرة الله وتدبيره ؛ ومن إيداعه ما أودع من الخصائص في الناس وفي الأنعام ، فجعلهم قادرين على تذليلها واستخدامها والانتفاع بها . وجعلها مذللة نافعة ملبية لشتى حاجات الإنسان . وما يملك الناس أن يصنعوا من ذلك كله شيئاً . وما يملكون أن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له . وما يملكون أن يذللوا ذبابة لم يركب الله في خصائصها أن تكون ذلولاً لهم ! . . ( أفلا يشكرون ? ) . .

وحين ينظر الإنسان إلى الأمر بهذه العين وفي هذا الضوء الذي يشيعه القرآن الكريم . فإنه يحس لتوه أنه مغمور بفيض من نعم الله . فيض يتمثل في كل شيء حوله . وتصبح كل مرة يركب فيها دابة ، أو يأكل قطعة من لحم ، أو يشرب جرعة من لبن ، أو يتناول قطعة من سمن أو جبن . أو يلبس ثوباً من شعر أو صوف أو وبر . . . إلى آخره إلى آخره . . لمسة وجدانية تشعر قلبه بوجود الخالق ورحمته ونعمته . ويطرد هذا في كل ما تمس يده من أشياء حوله ، وكل ما يستخدمه من حي أو جامد في هذا الكون الكبير . وتعود حياته كلها تسبيحاً لله وحمداً وعبادة آناء الليل وأطراف النهار . . ولكن الناس لا يشكرون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَذَلَّلۡنَٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا يَأۡكُلُونَ} (72)

وقوله : وَذَلّلْناها لَهُمْ يقول : وذللنا لهم هذه الأنعام فَمِنْها رَكُوبُهُمْ يقول : فمنها ما يركبون كالإبل يسافرون عليها يقال : هذه دابة ركوب ، والرّكوب بالضمّ : هو الفعل وَمِنْها يأْكُلونَ لحومها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَذَلّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوُبُهُمْ : يركبونها يسافرون عليها وَمِنْها يأْكُلُونَ لحومها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَذَلَّلۡنَٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا يَأۡكُلُونَ} (72)

وقوله : { وذَلَّلْناهَا } وقوله : { ولهم فيها منافِعُ ومشَارِبُ } ، لأن معناه : أودعنا لهم في أضراعها ألباناً يشربونها وفي أبدانها أوباراً وأشعاراً ينتفعون بها .

وقوله : { لهم } هو محل الامتنان ، أي لأجلهم ، فإن جميع المنافع التي على الأرض خلقها الله لأجل انتفاع الإِنسان بها تكرمة له ، كما تقدم في قوله تعالى : { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً } في سورة البقرة } ( 29 ) .

واستعير عمل الأيدي الذي هو المتعارف في الصنع إلى إيجاد أصول الأجناس بدون سابق منشأ من توالد أو نحوه فأسند ذلك إلى أيدي الله تعالى لظهور أن تلك الأصول لم تتولد عن سبب كقوله : { والسماء بنيناها بأيد } [ الذاريات : 47 ] ، ف ( من ) في قوله : { مما عَمِلتْ } ابتدائية لأن الأنعام التي لهم متولدة من أصول حتى تنتهي إلى أصولها الأصلية التي خلقها الله كما خلق آدم ، فعبر عن ذلك الخلق بأنه بيد الله استعارة تمثيلية لتقريب شأن الخلق الخفيّ البديع مثل قوله : { لما خلقت بيدي } [ ص : 75 ] . وقرينة هذه الاستعارة ما تقرّر من أن ليس كمثله شيء وأنه لا يشبه المخلوقات ، فذلك من العقائد القطعية في الإسلام . فأما الذين رأوا الإِمساك عن تأويل أمثال هذه الاستعارات فسمّوها المتشابه وإنما أرادوا أننا لم نصل إلى حقيقة ما نعبر عنه بالكنه ، وأما الذين تأوّلوها بطريقة المجاز فهم معترفون بأن تأويلها تقريب وإساغة لغصص العبارة . فأما الذين أثبتوا وصف الله تعالى بظواهرها فباعثهم فرط الخشية ، وكان للسلف في ذلك عذر لا يسع أهل العصُور التي فشَا فيها الإِلحاد والكفر فهم عن إقناع السائلين بمعزل ، وقلم التطويل في ذلك مَغْزِل .

والأنعام : الإِبل والبقر والغنم والمعز . وفرع على خلقها للناس أنهم لها مالكون قادرون على استعمالها فيما يشاءُون لأن الملك هو أنواع التصرف .

قال الربيع بن ضَبُع الفزاري من شعراء الجاهلية المعمَّرين :

أصبحت لا أحمل السلاح ولا *** أملِك رأسَ البعير إن نفرا

وهذا إدماج للامتنان في أثناء التذكير .

وتقديم { لَهَا } على { مالكون } الذي هو متعلَّقه لزيادة استحضار الأنعام عند السامعين قبل سماع متعلّقه ليقع كلاهما أمكن وَقع بالتقديم وبالتشويق ، وقضى بذلك أيضاً رَعي الفاصلة .

وعدل عن أن يقال : فهُم مالكوها ، إلى { فهم لها مالكون } ليتأتّى التنكير فيفيدَ بتعظيم المالكين للأنعام الكنايةَ عن تعظيم الملك ، أي بكثرة الانتفاع وهو ما أشار إليه تفصيلاً وإجمالاً قوله تعالى : { وذللناها لهم } إلى قوله : { ولهم فيها منافِعُ ومشارِبُ } . وأن إضافة الوصف المُشبه الفعل وإن كانت لا تكسَب المضاف تعريفاً لكنها لا تنسلخ منها خصائص التنكير مثل التنوين . وجيء بالجملة الاسمية لإِفادة ثبات هذا الملك ودوامه .

والتذليل : جعل الشيء ذليلاً ، والذليل ضد العزيز وهو الذي لا يدفع عن نفسه ما يكرهه . ومعنى تذليل الأنعام خلق مهانتها للإِنسان في جبلتها بحيث لا تُقدم على مدافعة ما يريد منها فإنها ذات قُوات يدفع بعضها بعضاً عن نفسه بها فإذا زجرها الإِنسان أو أمرها ذلّت له وطاعت مع كراهيتها ما يريده منها ، من سير أو حمل أو حلب أو أخذ نسل أو ذبح . وقد أشار إلى ذلك قوله : { فمنها ركوبهم ومنها يأكلون } .

والرَّكوب بفتح الراء : المركوب مثل الحلوب وهو فعول بمعنى مفعول ، فلذلك يطابق موصوفه يقال : بعير رَكوب وناقةٌ حَلوبة .

و { مِن } تبعيضية ، أي وبعضها غير ذلك مثل الحرث والقتال كما قال : { ولهم فيها منافِعُ ومشَارِبُ } والمشارب : جمع مشرب ، وهو مصدر ميمي بمعنى : الشرب ، أريد به المفعول ، أي مشروبات .

وتقديم المجروريْن ب ( مِن ) على ما حقهما أن يتأخرا عنهما للوجه الذي ذكر في قوله : { فهم لها مالِكُون } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَذَلَّلۡنَٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا يَأۡكُلُونَ} (72)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

وذللناها فيحملون عليها ويسوقونها حيث شاءوا، ولا تمتنع منها.

{لهم فمنها ركوبهم} حمولتهم الإبل والبقر. {ومنها يأكلون}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وَذَلّلْناها لَهُمْ" يقول: وذللنا لهم هذه الأنعام، "فَمِنْها رَكُوبُهُمْ "يقول: فمنها ما يركبون كالإبل يسافرون عليها... "وَمِنْها يأْكُلونَ" لحومها.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يخبر عن أنواع ما جعل لهم من الأنعام، وأنعم عليهم ليستأدي بذلك شكره، والله أعلم.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ}: سخرناها...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"وذللناها لهم" فتذليل الأنعام تسخيرها بالانقياد ورفع النفور، لان الوحشي من الحيوان نفور، والإنسي مذلل بما جعله الله فيه من الأنس والسكون، ورفع عنه من الاستيحاش والنفور.

"فمنها ركوبهم ومنها يأكلون" قسمة الأنعام، فإن الله تعالى جعل منها ما يركب ومنها ما يذبح وينتفع بلحمه ويؤكل.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{وذللناها} معناه سخرناها ذليلة، والركوب والمركوب، وهذا فعول بمعنى مفعول وليس إلا في ألفاظ محصورة كالركوب والحلوب والقدوع.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان الملك لا يستلزم الطواعية، قال تعالى: {وذللناها لهم} أي يسرنا قيادها، ولو شئنا لجعلناها وحشية كما جعلنا أصغر منها وأضعف، فمن قدر على تذليل الأشياء الصعبة جداً لغيره فهو قادر على تطويع الأشياء لنفسه، ثم سبب عن ذلك قوله: {فمنها ركوبهم} أي ما يركبون، وهي الإبل لأنها أعظم مركوباتهم لعموم منافعها في ذلك وكثرتها، ولمثل ذلك في التذكير بعظيم النعمة والنفع واستقلال كل من النعمتين بنفسه أعاد الجار، وعبر بالمضارع للتجدد بتجدد الذبح بخلاف المركوب فإن صلاحه لذلك ثابت دائم فقال: {ومنها يأكلون}...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

حين ينظر الإنسان إلى الأمر بهذه العين، وفي هذا الضوء الذي يشيعه القرآن الكريم، فإنه يحس لتوه أنه مغمور بفيض من نعم الله. فيض يتمثل في كل شيء حوله. وتصبح كل مرة يركب فيها دابة، أو يأكل قطعة من لحم، أو يشرب جرعة من لبن، أو يتناول قطعة من سمن أو جبن. أو يلبس ثوباً من شعر أو صوف أو وبر... إلى آخره إلى آخره.. لمسة وجدانية تشعر قلبه بوجود الخالق ورحمته ونعمته. ويطرد هذا في كل ما تمس يده من أشياء حوله، وكل ما يستخدمه من حي أو جامد في هذا الكون الكبير. وتعود حياته كلها تسبيحاً لله وحمداً وعبادة آناء الليل وأطراف النهار.. ولكن الناس لا يشكرون.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

التذليل: جعل الشيء ذليلاً، والذليل ضد العزيز وهو الذي لا يدفع عن نفسه ما يكرهه. ومعنى تذليل الأنعام خلق مهانتها للإِنسان في جبلتها بحيث لا تُقدم على مدافعة ما يريد منها، فإنها ذات قُوات يدفع بعضها بعضاً عن نفسه بها، فإذا زجرها الإِنسان أو أمرها ذلّت له وطاعت مع كراهيتها ما يريده منها، من سير أو حمل أو حلب أو أخذ نسل أو ذبح. وقد أشار إلى ذلك قوله: {فمنها ركوبهم ومنها يأكلون}.

و {مِن} تبعيضية، أي وبعضها غير ذلك مثل الحرث والقتال كما قال: {ولهم فيها منافِعُ ومشَارِبُ} والمشارب: جمع مشرب، وهو مصدر ميمي بمعنى: الشرب، أريد به المفعول، أي مشروبات.

وتقديم المجروريْن ب (مِن) على ما حقهما أن يتأخرا عنهما للوجه الذي ذكر في قوله: {فهم لها مالِكُون}.