البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَذَلَّلۡنَٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا يَأۡكُلُونَ} (72)

فلولا تذليله تعالى إياها وتسخيره ، لم يقدر عليها .

ألا ترى إلى ما ندَّ منها لا يكاد يقدر على رده ؟ لذلك أمر بتسبيح الله راكبها ، وشكره على هذه النعمة بقوله بقوله : { سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين } وقرأ الجمهور : { ركوبهم } ، وهو فعول بمعنى مفعول ، كالحضور والحلوب والقذوع ، وهو مما لا ينقاس .

وقرأ أبي ، وعائشة : ركوبتهم بالتاء ، وهي فعولة بمعنى مفعولة .

وقال الزمخشري : وقيل الركوبة جمع .

انتهى ، ويعني اسم جمع ، لأن فعولة بفتح الفاء ليس بجمع تكسير .

وقد عد بعض أصحابنا أبنية أسماء الجموع ، فلم يذكر فيها فعولة ، فينبغي أن يعتقد فيها أنها اسم مفرد لاجمع تكسير ولا اسم جمع ، أي مركوبتهم كالحلوبة بمعنى المحلوبة .

وقرأ الحسن ، وأبو البرهسم ، والأعمش : ركوبهم ، بضم الراء وبغير تاء ، وهو مصدر حذف مضافة ، أي ذو ركوبهم ، أو فحسن منافعها ركوبهم ، فيحذف ذو ، أو يحذف منافع .

قال ابن خالويه : العرب تقول : ناقة ركوب حلوب ، وركوبة حلوبة ، وركباة حلباة ، وركبوب حلبوب ، وركبي حلبي ، وركبوتا حلبوتا ، كل ذلك محكي ، وأنشد :

ركبانة حلبانة زفوف *** تخلط بين وبر وصوف