اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَذَلَّلۡنَٰهَا لَهُمۡ فَمِنۡهَا رَكُوبُهُمۡ وَمِنۡهَا يَأۡكُلُونَ} (72)

ثم إنه تعالى أعاد الوحدانية والدلائل عليها فقال : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ } أي من جملة ما عملت أيدينا أي ما{[46606]} عملناهُ من غير معين ولا ظهير بل عملناه بقدرتنا وإرادتنا { أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } ضابطون قاهرون أي لم يخلق الأنعام وحشيةً نافرةً{[46607]} من بني آدم لا يقدرون على ضبطها بل هي مسخرة لهم كقوله : { وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ } «سَخَّرْنَاها لهم » . «فمِنْهَا رَكُوبُهُمْ » أي ما يركبون وهي الإبل «وَمِنْهَا يَأكُلُونَ » من لحمانِها{[46608]} .

قوله : { رَكُوبُهُمْ } أي مركوبهم كالحَلُوب والحَصُور بمعنى المفعول وهو لا ينقاس{[46609]} . وقرأ أبيّ وعائشةٌ «رَكُوبَتُهمْ » بالتاء وقد عد بعضهم دخول التاء على هذه الزِّنة{[46610]} شاذاً وجعلها الزمخشري في قول بعضهم جمعاً يعني اسم جمع{[46611]} وإلا فلمْ يرد في أبنية التكسير هذه الزنة . وقد عد ابن مالك أيضاً أبنية أسماء الجموع فلم يذكر فيها فَعُولَةً{[46612]} ، وقرأ الحسنُ وأبو البَرَهسم والأعمش رُكُوبهم بضم الراء{[46613]} ، ولا بدّ من حذف مضاف إما من الأول أي فمن منافعها ركوبهم وإما من الثاني أي ذو{[46614]} ركوبهم . قال ابن خالويه العرب تقول : نَاقَةٌ حَلُوبٌ رَكُوبٌ وَركُوبةٌ حَلُوبَةٌ ورَكْبَاةٌ حلباة وَرَكَبُوتٌ حلَبُوتٌ وَرَكَبَى حَلَبَى وَرَكَبُوتَا ( حَلَبوتَا ){[46615]} وَركبَانَةٌ حَلْبَانَةٌ وأنشد :

4188- رَكْبَانَةٌ حَلْبَانَةٌ زَفُوفْ . . . تَخْلِطُ بَيْنَ وَبَرٍ وَصًوفْ{[46616]}


[46606]:الرازي 26/106.
[46607]:البغوي 6/16.
[46608]:في ب لحماتها.
[46609]:وإنما ينقاس فعيل بمعنى الفاعل أو المفعول.
[46610]:ذكر هذه القراءة ابن جني في المحتسب 2/216 وابن خالويه 126 ومعاني الفراء 2/381 والكشاف 3/330 والبيان 2/301 وسبب شذوذها أن فعيلا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث فنقول ركوب في النوعين.
[46611]:الكشاف 3/330.
[46612]:في ب فعول. تحريف. وانظر: التسهيل 267: 280. وقد جوز الزمخشري وأبو حيان في البحر 7/347 الإفراد واسم الجمع معا.
[46613]:معاني الفراء 2/381 والكشاف 3/330 والمحتسب 2/216 ومختصر ابن خالويه 126.
[46614]:قاله في الكشاف 3/330.
[46615]:سقط من ب. وانظر مختصر ابن خالويه 126 واللسان: "ح ل ب" 956: 690 و "ر ك ب" 1712: 1715 وكذلك القاموس 1/59 و 78 و 79.
[46616]:رجز مجهول قائله وقبله: أكرم لنا بناقة ألوف....ويورى صفوف بدل زفوف. وهي التي تصف الأقداح من كثرة لبنها. وجيء بالبيت حتى يقول: إن ركبانه وحلبانه مما تكلمت به العرب بمعنى الكثيرة الحلب والصالحة للركوب.