المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ} (9)

9- قالوا مُجيبين : قد جاءنا نذير فكذبناه ، وقلنا : ما نزَّل الله من شيء عليك ولا على غيرك من الرسل ، ما أنتم - أيها المدعون للرسالة - إلا في انحراف بعيد عن الحق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ} (9)

{ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ } فجمعوا بين تكذيبهم الخاص ، والتكذيب العام بكل ما أنزل الله ، ولم يكفهم ذلك ، حتى أعلنوا بضلال الرسل المنذرين ، وهم الهداة المهتدون ، ولم يكتفوا بمجرد الضلال ، بل جعلوا ضلالهم ، ضلالًا كبيرًا ، فأي عناد وتكبر وظلم ، يشبه هذا ؟

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ} (9)

ثم حكى - سبحانه - ما رد به الكافرون على خزنة جهنم فقال : { قَالُواْ بلى قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌفَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ الله مِن شَيْءٍ . . } .

أي : قال الكافرون - على سبيل التحسر والتفجع - فى ردهم على خزنة جهنم : بلى لقد جاءنا المنذر الذي أنذرنا وحذرنا من سوء عاقبة الكفر . . ولكننا كذبناه ، وأعرضنا عن دعوته ، بل وتجاوزونا ذلك بأن قلنا له على سبيل العناد والجحود والغرور : ما نزل الله على أحد من شئ من الأشياء التى تتلوها علينا ، وتأمرنا بها ، أو تنهانا عن مخالفتها .

وقوله : { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } يحتمل أنه من كلام الكافرين لرسلهم الذين أنذروهم وحذروهم من الإصرار على الكفر .

أي : جاءنا الرسل الذين أنذرونا . . فكذبناهم ، وقلنا لهم : ما نزل الله من شئ من الأشياء على ألسنتكم . . وقلنا لهم - ما أنتم إلا فى ضلال كبير ، أي : في ذهاب واضح عن الحق ، وبعدٍ شديد عن الصواب .

ويحتمل أن يكون من كلام الملائكة ، أي : قال لهم الملائكة على سبيل التجهيل والتوبيخ : ما أنتم - أيها الكافرون - إلا في ضلال كبير ، بسبب تكذيبكم لرسلكم ، وإعراضكم عمن حذركم وأنذركم .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } من المخاطبون به ؟

قلت : هو من جملة قول الكفار وخطابهم للمنذرين ، على أن النذير بمعنى الإِنذار . والمعنى : ألم يأتكم أهل نذير : أو وصف به منذروهم لغلوهم في الإِنذار ، كأنهم ليسوا إلا إنذارا . .

ويجوز أن يكون من كلام الخزنة للكفار على إرادة القول : أرادوا حكاية ما كانوا عليه من ضلالهم في الدنيا ، أو أرادوا بالضلال : الهلاك . . .

وجمع - سبحانه - الضمير في قوله { إِنْ أَنتُمْ . . . } مع أن الملائكة قد سألوهم { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } بالإفراد ، للإشعار بأن هؤلاء الكافرين لم يكتفوا بتكذيب النذير الذي أنذرهم ، بل كذبوه وأتباعه الذين آمنوا به .

فكأن كل فوج منهم كان يقول للرسول الذى جاء لهدايته : أنت وأتباعك فى ضلال كبير .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ} (9)

يقول تعالى ذكره : تَكادُ جهنم تَمَيّزُ يقول : تتفرّق وتتقطع مِنَ الغَيْظِ على أهلها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : تَكادُ تَمَيّزُ مِنَ الغَيْظِ يقول : تتفرّق .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله تَكادُ تَمَيّزُ مِنَ الغَيْظِ تكاد يفارق بعضها بعضا وتنفطر .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : تَكادُ تَمَيّزُ مِنَ الغَيْظِ ، يقول : تفرّق .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : تَكادُ تَمَيّزُ مِنَ الغَيْظِ ، قال : التميز : التفرّق من الغيظ على أهل معاصي الله غضبا لله ، وانتقاما له .

وقوله : كُلّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سألَهُمْ ، يقول جلّ ثناؤه : كلما ألقي في جهنم جماعة سألهم خَزَنَتُها ، ألَمْ يأْتِكُمْ نَذِيرٌ يقول : سأل الفوجَ خزنةُ جهنم ، فقالوا لهم : ألم يأتكم في الدنيا نذيرٌ ينذركم هذا العذاب الذي أنتم فيه ؟ فأجابهم المساكين فقالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ ينذرنا هذا ، فَكَذّبْناهُ وَقُلْنَا له : ما نَزّلَ اللّهُ مِنْ شَيْءٍ إن أنْتُمْ إلاّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ، يقول : في ذهاب عن الحقّ بعيد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ} (9)

وقوله تعالى : { إن أنتم إلا في ضلال كبير } يحتمل أن يكون من قول الملائكة للكفار حين أخبروا عن أنفسهم أنهم كذبوا النذر ، ويحتمل أن يكون من كلام الكفار للنذر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ} (9)

وجملة : { قالوا بلى قد جاءنا نذير } معترضة بين كلام خزنة جهنم اعتراضاً يشير إلى أن الفوج قاطَعَ كلام الخزنة بتعجيل الاعتراف بما وبّخوهم عليه وذلك من شدة الخوف .

وفصلت الجملة لوجهين لأنها اعتراض ، ولوقوعها في سياق المحَاورة كما تقدم غير مرة كقوله تعالى : { قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها } في سورة البقرة ( 30 ) . وكان جوابهم جواب المتحسر المتندم ، فابتدأوا الجواب دفعة بحرف بلى } المفيد نقيض النفي في الاستفهام ، فهو مفيد معنى : جاءنا نذير .

ولذلك كان قولهم : { قد جاءنا نذير } موكداً لما دلت عليه { بلى } ، وهو من تكرير الكلام عند التحسر ، مع زيادة التحقيق ب { قد } ، وذلك التأكيد هو مناط الندامة والاعتراف بالخطأ .

وجملة : { إن أنتم إلاَّ في ضلال كبير } الأظهر أنها بقية كلام خزنة جهنم فصل بينها وبين ما سبقها من كلامهم اعتراضُ جواببِ الفوج الموجه إليهم الاستفهام التوبيخي كما ذكرناه آنفاً ، ويؤيد هذا إعادة فعل القول في حكاية بقية كلام الفوج في قوله تعالى : { وقَالوا لو كنا نسمع } [ الملك : 10 ] الخ لانقطاعه بالاعتراض الواقع خلال حكايته .

ويجوز أن تكون جملة { إن أنتم إلا في ضلال كبير } من تمام كلام كل فوج لنذيرهم . وأتي بضمير جمع المخاطبين مع أن لكل قوم رسولاً واحداً في الغالب باستثناء موسى وهارون وباستثناء رسل أصحاب القرية المذكورة في سورة يس ؛ إما على اعتبار الحكاية بالمعنى بأن جُمع كلام جميع الأفواج في عبارة واحدة فجيء بضمير الجمع والمراد التوزيع على الأفواج ، أي قال جميع الأفواج : { بلى قد جاءنا نذير } إلى قوله : { إن أنتم إلا في ضلال كبير } ، على طريقة المثال المشهور : « ركِب القوم دوابهم » ، وإما على إرادة شمول الضمير للنذير وأتباعِه الذين يؤمنون بما جاء به .

وعموم { شيء } في قوله : { ما نزَّل الله من شيء } المرادِ منه شيء من التنزيل ، يدل على أنهم كانوا يحيلون أن يُنزل الله وحياً على بشر ، وهذه شنشنة أهل الكفر قال تعالى : { وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء } وقد تقدم في آخر [ الأنعام : 91 ] .

ووصف الضلال ب { كبير } معناه شديد بالغ غاية ما يبلغ إليه جنسه حتى كأنه جسم كبير .

ومعنى القصر المستفادِ من النفي والاستثناء في { إن أنتم إلا في ضلال كبير } قصرُ قلب ، أي ما حالكم التي أنتم متلبسون بها إلاّ الضلال ، وليس الوحَي الإِلهي والهدى كما تزعمون .

والظرفية مجازية لتشبيههم تَمَحُّضَهم للضلال بإحاطة الظرف بالمظروف .