السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالُواْ بَلَىٰ قَدۡ جَآءَنَا نَذِيرٞ فَكَذَّبۡنَا وَقُلۡنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ كَبِيرٖ} (9)

{ قالوا بلى } قرأه حمزة والكسائي بالإمالة محضة ، وورش بالفتح وبين اللفظين ، والباقون بالفتح والوقف عليها كما في الوصل { قد جاءنا نذير } أي : محذر بليغ التحذير .

تنبيه : في ذلك دليل على جواز الجمع بين حرف الجواب ونفس الجملة المجاب بها ، إذ لو قالوا : بلى لفهم المعنى ، ولكنهم أظهروه تحسراً وزيادة في نقمتهم على تفريطهم في قبول قول النذير ، وليعطفوا عليه قولهم { فكذبنا } أي : فتسبب عن مجيئه أنا أوقعنا التكذيب بكل ما قاله النذير { وقلنا } أي : زيادة في التكذيب { ما نزل الله } أي : الذي له الكمال كله ، عليكم ولا على غيركم ، { من شيء } لا وحياً ولا غيره ، وما كفانا هذا الفجور حتى قلنا مؤكدين : { إن } أي : ما { أنتم } أي : أيها النذر المذكورون في نذير ، المراد به الجنس { إلا في ضلال } أي : بعد عن الطريق { كبير } ، فبالغنا في التكذيب والسفه بالاستجهال والاستخفاف . وقيل : قوله تعالى : { إن أنتم إلا في ضلال كبير } من كلام الملائكة للكفار حين أخبروا بالتكذيب .