المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا} (5)

5- وقالوا عن القرآن أيضاً : إنه أكاذيب السابقين سطَّروها في كتبهم ، ثم طلب منهم أن تُكتب له وتُقرأ عليه على الدوام صباحاً ومساء حتى يحفظها ويقولها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا} (5)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُوَاْ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىَ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * قُلْ أَنزَلَهُ الّذِي يَعْلَمُ السّرّ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِنّهُ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً } .

ذكر أن هذه الاَية نزلت في النّضْر بن الحارث ، وأنه المعنيّ بقوله : وَقالُوا أساطيرُ الأوّلِينَ . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا شيخ من أهل مصر ، قدم منذ بضع وأربعين سنة ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : كان النّضْر بن الحارث بن كَلَدَة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قُصيّ من شياطين قريش ، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينصب له العداوة ، وكان قد قَدِم الحِيرة ، تعلّم بها أحاديث ملوك فارس وأحاديث رُسْتَم وأسفنديار ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلسا فذكّر بالله وحدّث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله ، خلَفه في مجلسه إذا قام ، ثم يقول : أنا والله يا معشر قُريش أحسن حديثا منه ، فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ثم يحدّثهم عن ملوك فارس ورسْتَم وأسفنديار ، ثم يقول : ما محمد أحسن حديثا مني قال : فأنزل الله تبارك وتعالى في النضر ثمانيَ آيات من القرآن ، قوله : وَإذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أساطيرُ الأوّلينَ وكلّ ما ذُكِر فيه الأساطير في القرآن .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد أو عكرمة ، عن ابن عباس نحوه ، إلاّ أنه جعل قوله : «فأنزل الله في النضْر ثماني آيات » ، عن ابن إسحاق ، عن الكلْبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج : أساطِيرُ الأوّلينَ أشعارهم وكَهانتهم وقالها النضر بن الحارث .

فتأويل الكلام : وقال هؤلاء المشركون بالله الذين قالوا لهذا القرآن إن هذا إلاّ إفك افتراه محمد صلى الله عليه وسلم : هذا الذي جاءنا به محمد أساطير الأوّلين ، يَعنُون أحاديثهم التي كانوا يُسَطّرونها في كتبهم ، اكتتبها محمد صلى الله عليه وسلم من يهود . فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ يعنون بقوله : فَهِي تُمْلَى عَلَيْهِ فهذه الأساطير تُقرأ عليه ، من قولهم : أمليت عليك الكتاب وأملَلْت . بُكْرَةً وأصِيلاً يقول : وتملَى عليه غُدْوة وعشيّا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا} (5)

وقوله { وقالوا أساطير الأولين } ، قال ابن عباس يعني بذلك قول النضر بن الحارث ، وذلك أن كل ما في القرآن من ذكر { أساطير الأوليين } فإنما هو بسبب قول النضر ابن الحارث حسب الحديث المشهور في ذلك ثم رموا محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه { اكتتبها } وقرأ طلحة بن مصرف «اكتُتِبها » بضم التاء الأولى وكسر الثانية على معنى اكتتب له ، ذكرها أبو الفتح{[8780]} ، وقرأ طلحة «تُتلى » بتاء بدل الميم .


[8780]:قال أبو الفتح عثمان بن جني في "المحتسب" : "إن قراءة العامة: [اكتتبها] معناه: استكتبها، ولا يكون معناه: كتبها أي: كتبها بيده؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يكتب، وهو من تمام إعجازه... وإذا كان كذلك فمعنى: [اكتتبها] إنما هو: استكتبها، وهو على القلب، أي: استكتبت له، ومثله في القلب قراءة من قرأ: {قدروها تقديرا}، أي: قدرت لهم"، وبعد أن ساق شواهد شعرية على القلب في العربية قال: "وليس ممتنعا أن يكون قوله: [اكتتبها]: كتبها، وإن لم يل ذلك بيده، إلا أنه لما كان عن رأيه أو أمره نسب ذلك إليه، وفي الحديث: (من اكتتب َضِمنا كان له كذا) أي: زمنا، يعني كتب اسمه في الفرض، فعلى هذا يكون [اكتتبها] أي: اكتتبت له". هذا هو كلام ابن جني كاملا ذكرناه لأن ابن عطية اختصره.