المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا} (5)

وقوله { وقالوا أساطير الأولين } ، قال ابن عباس يعني بذلك قول النضر بن الحارث ، وذلك أن كل ما في القرآن من ذكر { أساطير الأوليين } فإنما هو بسبب قول النضر ابن الحارث حسب الحديث المشهور في ذلك ثم رموا محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه { اكتتبها } وقرأ طلحة بن مصرف «اكتُتِبها » بضم التاء الأولى وكسر الثانية على معنى اكتتب له ، ذكرها أبو الفتح{[8780]} ، وقرأ طلحة «تُتلى » بتاء بدل الميم .


[8780]:قال أبو الفتح عثمان بن جني في "المحتسب" : "إن قراءة العامة: [اكتتبها] معناه: استكتبها، ولا يكون معناه: كتبها أي: كتبها بيده؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يكتب، وهو من تمام إعجازه... وإذا كان كذلك فمعنى: [اكتتبها] إنما هو: استكتبها، وهو على القلب، أي: استكتبت له، ومثله في القلب قراءة من قرأ: {قدروها تقديرا}، أي: قدرت لهم"، وبعد أن ساق شواهد شعرية على القلب في العربية قال: "وليس ممتنعا أن يكون قوله: [اكتتبها]: كتبها، وإن لم يل ذلك بيده، إلا أنه لما كان عن رأيه أو أمره نسب ذلك إليه، وفي الحديث: (من اكتتب َضِمنا كان له كذا) أي: زمنا، يعني كتب اسمه في الفرض، فعلى هذا يكون [اكتتبها] أي: اكتتبت له". هذا هو كلام ابن جني كاملا ذكرناه لأن ابن عطية اختصره.