المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلۡأُنثَىٰ} (21)

21- أقسَّمتم الأمر فجعلتم لأنفسكم الذكور ، وجعلتم لله الإناث ؟ .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلۡأُنثَىٰ} (21)

وقوله : ألَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى يقول : أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه ، ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى يقول جلّ ثناؤه : قسمتكم هذه قسمة جائرة غير مستوية ، ناقصة غير تامة ، لأنكم جعلتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم ، وآثرتم أنفسكم بما ترضونه ، والعرب تقول : ضِزته حقه بكسر الضاد ، وضُزته بضمها فأنا أضيزه وأضوزه ، وذلك إذا نقصته حقه ومنعته وحُدثت عن معمر بن المثنى قال : أنشدني الأخفش :

فإنْ تَنْأَ عَنّا نَنْتَقِصْكَ وَإنْ تَغِبْ *** فَسَهْمُكَ مَضْئُوزٌ وأنْفُكَ رَاغِمُ

ومن العرب من يقول : ضَيْزى بفتح الضاد وترك الهمز فيها ومنهم من يقول : ضأزى بالفتح والهمز ، وضُؤزى بالضم والهمز ، ولم يقرأ أحد بشيء من هذه اللغات . وأما الضّيزى بالكسر فإنها فُعلى بضم الفاء ، وإنما كُسرت الضاد منها كما كسرت من قولهم : قوم بيض وعِين ، وهي «فُعْل » لأن واحدها : بيضاء وعيناء ليؤلفوا بين الجمع والاثنين والواحد ، وكذلك كرهوا ضمّ الضاد من ضِيزَى ، فتقول : ضُوزَى ، مخافةِ أن تصير بالواو وهي من الياء . وقال الفرّاء : إنما قضيت على أوّلها بالضمّ ، لأن النعوت للمؤنث تأتي إما بفتح ، وإما بضمّ فالمفتوح : سكْرَى وعَطشى والمضموم : الأنثى والحُبلى فإذَا كان اسما ليس بنعت كسر أوّله ، كقوله : وَذَكّرْ فإنّ الذّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ كسر أوّلها ، لأنها اسم ليس بنعت ، وكذلك الشّعَرى كسر أوّلها ، لأنها اسم ليس بنعت . وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : قِسْمَةٌ ضِيزَى قال أهل التأويل ، وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنها ، فقال بعضهم : قِسْمة عَوْجاء . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : عوجاء .

وقال آخرون : قسمة جائرة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة تِلكَ إِذا قِسْمَةٌ ضِيزَى يقول : قسمة جائرة .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : قسمة جائرة .

حدثنا محمد بن حفص أبو عبيد الوصائيّ ، قال : حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن ابن عمرة ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، في قوله : تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : تلك إذا قسمة جائرة لا حقّ فيها .

وقال آخرون : قسمة منقوصة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : منقوصة .

وقال آخرون : قسمة مخالفة . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : تِلكَ إذا قِسْمَةٌ ضِيزَى قال : جعلوا لله تبارك وتعالى بنات ، وجعلوا الملائكة لله بنات ، وعبدوهم ، وقرأ أَمِ اتّخَذَ مِمّا يَخْلُقُ بَناتٍ وأصْفاكُمْ بالبَنِينَ وَإذَا بُشّرَ . . . الاَية ، وقرأ وَيجْعَلُونَ لِلّهِ البَناتِ . . . إلى آخر الاَية ، وقال : دعوا لله ولدا ، كما دعت اليهود والنصارى ، وقرأ كَذَلِكَ قالَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قال : والضيزى في كلام العرب : المخالفة ، وقرأ إنْ هِيَ إلاّ أسمْاءٌ سَمّيْتُمُوها أنْتُمْ وآباؤكُمْ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلۡأُنثَىٰ} (21)

ووقف تعالى الكفار على هذه الأوثان وعلى قولهم فيها ، لأنهم كانوا يقولون : هي بنات الله ، فكأنه قال : أرأيتم هذه الأوثان وقولكم هي بنات الله { ألكم الذكر وله الأنثى } ، أي النوع المستحسن المحبوب هو لكم وموجود فيكم ؟ والمذموم المستثقل عندكم هو له بزعمكم ، ثم قال تعالى على جهة الإنكار .