الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلۡأُنثَىٰ} (21)

والثاني : الجملةُ الاستفهاميةُ مِنْ قولِه : " أَلكُمُ الذَّكَرَ " فإنْ قيل : لم يَعُدْ من هذه الجملةِ ضميرٌ على المفعول الأولِ . فالجوابُ : أنَّ قولَه : " وله الأنثى " في قوةِ " وله هذه الأصنامُ " وإن كان أصلُ التركيبِ : ألكم الذَّكَر وله هُنَّ ، أي : تلك الأصنامُ ، وإنما أُوْثِرَ هذا الاسمُ الظاهرُ لوقوعِه رَأْسَ فاصلةٍ . /

وقد جَعَلَ الزجَّاجُ المفعولَ الثاني محذوفاً فإنَّه قال : " وجهُ تَلْفيقِ هذه الآيةِ مع ما قبلَها فيقول : أَخْبِروني عن آلهتِكم هل لها شيءٌ من القدرةِ والعظمة التي وُصِفَ بها ربُّ العزَّةُ في الآي السالفة " انتهى . فعلى هذا يكونُ قولُه : " ألكم الذَّكَرُ " متعلقاً بما قبلَه من حيث المعنى ، لا من حيث الإِعرابُ . وجَعَل ابنُ عطية الرؤية هنا بَصَريةً فقال : " وهي من رؤيةِ العين ؛ لأنَّه أحال على أَجْرام مرئيةٍ ، ولو كانَتْ " أَرَأَيْتَ " التي هي استفتاءٌ لم تَتَعَدَّ " وهذا كلامٌ مُثْبَجٌ ، وقد تقدَّم لك الكلامُ عليها مُشْبَعاً في الأنعام وغيرها .