القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَمّا دَخَلُواْ عَلَىَ يُوسُفَ آوَىَ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنّيَ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .
يقول تعالى ذكره : ولما دخل ولد يعقوب على يوسف ، آوَى إلَيْهِ أخاهُ يقول : ضمّ إليه أخاه لأبيه وأمه ، وكلّ أخوه لأبيه . كما :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السّدّي : وَلَمّا دَخَلُوا على يُوسُفَ آوَى إلَيْهِ أخاهُ قال : عرف أخاه ، فأنزلهم منزلاً ، وأجرى عليهم الطعام والشراب فلما كان الليل جاءهم بُمُثل ، فقال : لينم كلّ أخوين منكم على مِثال فلما بقي الغلام وحده ، قال يوسف : هذا ينام معي على فراشي . فبات معه ، فجعل يوسف يشُمّ ريحه ، ويضمه إليه حتى أصبح ، وجعل رُوبيل يقول : ما رأينا مثل هذا ، أريحونا منه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لما دخلوا ، يعني ولد يعقوب على يوسف ، قالوا : هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به ، قد جئناك به فذكر لي أنه قال لهم : قد أحسنتم وأصبتم ، وستجدون ذلك عندي ، أو كما قال . ثم قال : إني أراكم رجالاً ، وقد أردت أن أكرمكم ، ودعا ضافته ، فقال : أنزل كل رجلين على حدة ، ثم أكرمهما وأحسن ضيافتهما ثم قال : إني أرى هذا الرجل الذي جئتم به ليس معه ثان ، فسأضمه إليّ ، فيكون منزله معي . فأنزلهم رجلين رجلين في منازل شتى ، وأنزل أخاه معه ، فآواه إليه ، فلما خلا به قالَ إنّي أنا أخُوكَ أنا يوسف فَلا تَبْتَئِسْ بشيء فعلوه بنا فيما مضى ، فإن الله قد أحسن إلينا ، ولا تعلمهم شيئا مما أعلمتك . يقول الله : وَلمّا دَخَلُوا على يُوسُفَ آوَى إلَيه أخاهُ قالَ إنّي أنا أخُوكَ فَلا فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلَمّا دَخَلُوا على يُوسُفَ آوَى إلَيْهِ أخاهُ ضمه إليه وأنزله ، وهو بنيامين .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : ثني عبد الصمد بن معقل قال : سمعت وهب بن منبه ، يقول ، وسئل عن قول يوسف : وَلَمّا دَخَلُوا على يُوسُفَ آوَى إلَيْهِ أخاهُ قالَ إنّي أنا أخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ كيف أجابه حين أخِذ بالصواع ، وقد كان أخبره أنه أخوه وأنتم تزعمون أنه لم يزل متنكرا لهم يكايدهم ، حتى رجعوا ، فقال : إنه لم يعترف له بالنسبة ، ولكنه قال : أنا أخوك مكان أخيك الهالك ، فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ يقول : لا يحزنك مكانه .
وقوله : فَلا تَبْتَئِسْ يقول : فلا تستكِنْ ولا تحزن ، وهو : «فلا تفتعل » من «البؤس » ، يقال منه : ابتأس يبتئس ابتئاسا .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : فَلا تَبْتَئِسْ يقول : فلا تحزن ، ولا تيأس .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : ثني عبد الصمد ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : فَلا تَبْتَئِسْ يقول : لا يحزنك مكانه .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ : فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ يقول : لا تحزن على ما كانوا يعملون .
فتأويل الكلام إذن : فلا تحزن ولا تستكن لشيء سلف من إخوتك إليك في نفسك وفي أخيك من أمك ، وما كانوا يفعلون قبل اليوم بك .
{ ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه } ضم إليه بنيامين على الطعام أو في المنزل روي : ( أنه أضافه فأجلسهم مثنى مثنى فبقي بنيامين وحيدا فبكى وقال : لو كان أخي يوسف حيا لجلس معي ، فأجلسه معه على مائدته ثم قال : لينزل كل اثنين منكم بيتا وهذا لا ثاني له فيكون معي فبات عنده وقال له : أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك ، قال : من يجد أخا مثلك ولكن لم يلدك يعقوب ولا راحيل ، فبكى يوسف وقام إليه وعانقه و{ قال إني أنا أخوك فلا تبتئس } فلا تحزن افتعال من البؤس . { بما كانوا يعملون } في حقنا فيما مضى .
وقوله تعالى : { ولما دخلوا على يوسف } الآية . المعنى أنه لما دخل إخوة يوسف عليه ورأى أخاه شكر ذلك لهم - على ما روي - وضم إليه أخاه وآواه إلى نفسه . ومن هذه الكلمة المأوى . وكان بنيامين شقيق يوسف فآواه . وصورة ذلك - على ما روي عن ابن إسحاق وغيره - أن يوسف عليه السلام أمر صاحب ضيافته أن ينزلهم رجلين رجلين ، فبقي يامين وحده ، فقال يوسف : أنا أنزل هذا مع نفسي ، ففعل وبات عنده ؛ وقال له : { إني أنا أخوك } واختلف المتأولون في هذا اللفظ فقال ابن إسحاق وغيره : أخبره بأنه أخوه حقيقة واستكتمه ، وقال له : لا تبال بكل ما تراه من المكروه في تحيلي في أخذك منهم . وعلى هذا التأويل يحتمل أن يشير بقوله : { بما كانوا يعملون } إلى ما يعمله فتيان يوسف ، من أمر السقاية ونحو ذلك{[6749]} ؛ ويحتمل أن يشير إلى ما عمله الإخوة قديماً . وقال وهب بن منبه : إنما أخبره أنه أخوه في الود مقام أخيه الذاهب ، ولم يكشف إليه الأمر بل تركه تجوز عليه الحيلة كسائر إخوته . و { تبتئس } - تفتعل - من البؤس ، أي لا تحزن ولا تهتم ، وهكذا عبر المفسرون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.