قوله تعالى { ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم }
اعلم أنهم لما أتوه بأخيه بنيامين أكرمهم وأضافهم وأجلس كل اثنين منهم على مائدة فبقي بنيامين وحده فبكى وقال لو كان أخي يوسف حيا لأجلسني معه فقال يوسف بقي أخوكم وحيدا فأجلسه معه على مائدة ثم أمر أن ينزل منهم كل اثنين بيتا وقال : هذا لا ثاني له فاتركوه معي فآواه إليه ، ولما رأى يوسف تأسفه على أخ له هلك قال له : أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك قال : من يجد أخا مثلك ولكنك لم يلدك يعقوب ولا راحيل فبكى يوسف عليه السلام وقام إليه وعانقه وقال : إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون .
إذا عرفت هذا فنقول : قوله : { آوى إليه أخاه } أي أنزله في الموضع الذي كان يأوي إليه . وقوله : { إني أنا أخوك } فيه قولان : قال وهب : لم يرد أنه أخوه من النسب ، ولكن أراد به إني أقوم لك مقام أخيك في الإيناس لئلا تستوحش بالتفرد . والصحيح ما عليه سائر المفسرين من أنه أراد تعريف النسب ، لأن ذلك أقوى في إزالة الوحشة وحصول الأنس ، ولأن الأصل في الكلام الحقيقة ، فلا وجه لصرفه عنها إلى المجاز من غير ضرورة .
وأما قوله : { فلا تبتئس } فقال أهل اللغة : تبتئس تفتعل من البؤس وهو الضرر والشدة والابتئاس اجتلاب الحزن والبؤس . وقوله : { بما كانوا يعملون } فيه وجوه : الأول : المراد بما كانوا يعملون من إقامتهم على حسدنا والحرص على انصراف وجه أبينا عنا ، الثاني : أن يوسف عليه السلام ما بقي في قلبه شيء من العداوة وصار صافيا مع إخوته ، فأراد أن يجعل قلب أخيه صافيا معه أيضا ، فقال : { فلا تبتئس بما كانوا يعملون } أي لا تلتفت إلى ما صنعوه فيما تقدم ، ولا تلتفت إلى أعمالهم المنكرة التي أقدموا عليها . الثالث : أنهم إنما فعلوا بيوسف ما فعلوه ، لأنهم حسدوه على إقبال الأب عليه وتخصيصه بمزيد الإكرام ، فخاف بنيامين أن يحسدوه بسبب أن الملك خصه بمزيد الإكرام ، فأمنه منه وقال : لا تلتفت إلى ذلك فإن الله قد جمع بيني وبينك . الرابع : روى الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن إخوة يوسف عليه السلام كانوا يعيرون يوسف وأخاه بسبب أن جدهما أبا أمهما كان يعبد الأصنام ، وأن أم يوسف امرأت يوسف فسرق جونة كانت لأبيها فيها أصنام رجاء أن يترك عبادتها إذا فقدها . فقال له : { فلا تبتئس بما كانوا يعملون } أي من التعيير لنا بما كان عليه جدنا والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.