{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين . سَلاَمٌ على نُوحٍ فِي العالمين } أى : وأبقينا عليه فى الأمم التى ستأتى من بعده إلى يوم القيامة ، الذكر الحسن ، والكلمة الطيبة ألا وهى قولهم : سلام على نوح فى العالمين ، أى : تحية وأمان وثناء جميل على نوح فى العالمين .
{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين . سَلاَمٌ على نُوحٍ فِي العالمين } أى : وأبقينا عليه فى الأمم التى ستأتى من بعده إلى يوم القيامة ، الذكر الحسن ، والكلمة الطيبة ألا وهى قولهم : سلام على نوح فى العالمين ، أى : تحية وأمان وثناء جميل على نوح فى العالمين .
وقوله : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين } تعليل لما منحه - سبحانه - لعبده نوح من نعم وفضل وإجابة دعاء .
أى : مثل ذلك الجزاء الكريم الذى جازينا به نوحا - عليه السلام - نجازى كل من كان محسنا فى أقواله وأفعاله .
وإن عبدنا نوحا قد كان من عبادنا الذين بلغو درجة الكمال فى إيمانهم وإحسانهم .
قال صاحب الكشاف : قوله : { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين } أى من الأمم هذه الكلمة ، وهى : " سلام على نوح " يعنى : يسلمون عليه تسليما ويدعون له . فإن قلت : فما معنى قوله : { فِي العالمين } .
قلت : معناه الدعاء بثبوت هذه التحية فيهم جميعا ، وأن لا يخلو أحد منهم منها ، كأنه قيل : ثبت الله التسليم على نوح وأدامه فى الملائكة والثقلين ، يسلمون عليه عن آخرهم .
علل - سبحانه - مجازاة نوح بتلك التكرمة السنية ، من تبقية ذكره ، وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر ، بأنه كان محسناً ، ثم علل كونه محسناً ، بأنه كان عبداً مؤمناً ، ليريك جلالة محل الإِيمان ، وأنه لقصارى من صفات المدح والتعظيم ، ويرغبك فى تحصيله وفى الازدياد منه .
وقوله { سلام } عل هذا التأويل رفع بالابتداء مستأنف سلم الله به عليه ليقتدي بذلك البشر ، قال الطبري : هذه أمانة منه لنوح في العالمين أن يذكره أحد بسوء .
قال القاضي أبو محمد : هذا جزاء ما صبر طويلاً على أقوال الكفرة الفجرة ، وقال الفراء وغيره من الكوفيين : قوله { سلام على نوح في العالمين } جملة في موضع نصب ب { تركنا } وهذا هو المتروك عليه ، فكأنه قال وتركنا على نوح تسليماً يسلم به عليه إلى يوم القيامة ، وفي قراءة عبد الله{[9871]} «سلاماً على نوح » على النصب ب { تركنا } صلى الله على نوح وعلى أهله وسلم تسليماً وشرف وكرم على جميع أنبيائه و { في الآخرين } معناه في الباقين غابر الدهر ، والقراءة بكسر الخاء وما كان من إهلاك فهو بفتحها .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
السلام: الثناء الحسن الذي ترك عليه من بعده في الناس.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"سَلامٌ عَلى نُوحٍ في العالَمِينَ" يقول: أَمَنَة من الله لنوحٍ في العالمين أن يَذْكُره أحد بسوء.
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :
قيل: يعني تركنا عليه في الآخرين أن يصلى عليه إلى يوم القيامة.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
كأنه قيل: ثبت الله التسليم على نوح وأدامه في الملائكة والثقلين يسلمون عليه عن آخرهم.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
هذا جزاء من صبر طويلاً على أقوال الكفرة الفجرة.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان قد كتب الله في القدم سلامته من كل سوء على كثرة الأعداء وطول الإقامة فيهم وشدة الخلاف، قال تعالى مستأنفاً مادحاً: {سلام} أي عظيم.
{على نوح} من كل حي من الجن والأنس والملائكة لسلام الله عليه.
ولما كان لسان جميع أهل الأرض في زمانه عليه السلام واحداً، فكانوا كلهم قومه، ولم يكن في زمانه نبي، فكانت نبوته قطب دائرة ذلك الوقت، فكانت رسالته عامة لأهله، وكان غير الناس من الخلق لهم تبعاً، خصه في السلام بأن قال: {في العالمين} أي مذكور فيهم كلهم لفظاً ومعنى يسلم عليه دائماً إلى أن تقوم الساعة، وخصوصية نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه أرسل إلى جميع الخلق مع اختلاف الألسنة ومع استمرار الرسالة أبد الآباد، وكون شريعته ناسخة غير منسوخة، وكون جميع الخلق في القيامة تحت لوائه، فهناك يظهر تمام ما أوتيه من عموم البعثة إلى ما ظهر منه في الدنيا.
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
قيل: هذا سلام منه عز وجل لا من الآخرين.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
جملة {سَلامٌ على نُوحٍ في العالَمِينَ} إنشاء ثناء الله على نوح وتحية له، ومعناه لازم التحية وهو الرضى والتقريب، وهو نعمة سادسة.
تنوين {سَلامٌ} للتعظيم، وزيد في سَلام نوح في هذه السورة، وصْفُه بأنه في العالمين دون السلام على غيره في قصة إبراهيم وموسى وهارون وإلياس؛ للإِشارة إلى أن التنويه بنوح كان سائراً في جميع الأمم؛ لأنهم كلهم ينتمون إليه ويذكرونه ذكر صدق كما قدمناه آنفاً.
{سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ}.
فالناس جميعاً عليهم حين يسمعون سيرة هذا النبي الذي تحمَّل في سبيل دعوته المشاقّ، ومكث في دعوة قومه هذا العمرَ الطويلَ، الذي خالف أعمار الناس أن يُسلِّموا عليه، وينبغي حين نسمع ذِكْره أنْ نُسلِّم عليه، فنقول: عليه السلام {سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ} أي: اعْطِه السلامة والسلام.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
يمثِّل هذا السلام التقدير الكبير لإخلاصه في الدعوة، ولجهاده في خط المواجهة، وتلك هي مسألة الذكر الحسن للماضين، فهي النافذة المفتوحة على حياتهم الخيّرة المجاهدة العاملة في سبيل الله، وليست امتيازاً ذاتياً خاضعاً للعوامل الشخصية الطارئة، ولذلك كان السلام الذي تركه الله له سلاماً شاملاً للعالمين، كدليل على شمول موقعه لدى أمم البشر كافة.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
بعد تحمّله كافّة الصعاب والآلام، منحه الله سبحانه وتعالى وساماً خالداً يفتخر به في العالمين، فهل هناك فخر أكبر من هذا، وهو أنّ الله يبعث بالسلام والتحيّات لنبيّه نوح، السلام الذي سيبقى يُهدى إليه من قبل الاُمم الإنسانية لحين قيام الساعة، والملفت للنظر أنّه من النادر أن يوجد في القرآن سلام بهذه السعة على أحد، خاصّة وأنّ المراد بالعالمين جميعها لكونه جمعاً محلّى بالألف واللام مفيداً للعموم فيتّسع المعنى ليشمل عوالم البشر واُممهم وجماعاتهم إلى يوم القيامة ويتعدّاهم إلى عوالم الملائكة والملكوتين.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.