فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{سَلَٰمٌ عَلَىٰ نُوحٖ فِي ٱلۡعَٰلَمِينَ} (79)

{ سَلامٌ عَلَى نُوحٍ } أي تركنا هذا الكلام بعينه ، والسلام هو الثناء الحسن ، أي يثنون عليه ثناء حسنا ، ويدعون له ويترحمون عليه . قال الزجاج : تركنا عليه الذكر الجميل إلى يوم القيامة ، وذلك الذكر هو قوله : { سَلامٌ عَلَى نُوحٍ } قال الكسائي في ارتفاع سلام وجهان : أحدهما : وتركنا عليه في الآخرين يقال سلام .

والثاني : أن يكون المعنى وأبقينا عليه ، وتم الكلام ، ثم ابتدأ فقال :

سلام على نوح أي سلامة له من أن يذكر بسوء في الآخرين ، قال المبرد : أي تركنا عليه هذه الكلمة باقية يعني يسلمون عليه تسليما ، ويدعون له ، وهو من الكلام المحكي كقوله { سورة أنزلناها } ، وقيل : إنه ضمن تركنا معنى قلنا . قال الكسائي : وفي قراءة ابن مسعود سلاما منصوب بتركنا أي تركنا عليه ثناء حسنا وقيل : المراد بالآخرين أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

{ فِي الْعَالَمِينَ } أي سلام ثابت أو مستمر أو مستقر على نوح في العالمين من الملائكة ، والجن والإنس ، وهذا يدل على عدم اختصاص ذلك بأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما قيل : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }