ثم بين - سبحانه - حالة ثانية من الحالات التى برهن بها إبراهيم على وحدانية الله فقال - تعالى - : { فَلَمَّآ رَأَى القمر بَازِغاً قَالَ هذا رَبِّي } أى : فلما رأى إبراهيم القمر مبتدئا فى الطلوعن منتشرا ضوؤه من وراء الأفق قال هذا ربى .
وبازغا : مأخوذ من البزوع وهو الطلوع والظهور . يقال : بزغ الناب بزوغا إذا طلع .
{ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ القوم الضالين } .
أى : فلما أفل القمر كما أفل الكوكب من قبله قال مسمعا من حوله من قومه : لئن لم يهدنى ربى إلى جناب الحق وإلى الطريق القويم الذى يرتضيه لأكونن من القوم الضالين عن الصراط المستقيم ، لأن هذا القمر الذى يعتوره الأفول - أيضاً - لا يصلح أن يكون إلها .
وفى قول إبراهيم لقومه هذا القول تنبيه لهم لمعرفة الرب الحق وأنه واحد وأن الكواكب والقمر كليهما لا يستحقان الألوهية . وفى هذا تهيئة لنفوس قومه لما عزم عليه من التصريح بأن له ربا غير الكواكب . ثم عرض بقومه بأنهم ضالون ، لان قوله { لأَكُونَنَّ مِنَ القوم الضالين } يدخل على نفوسهم الشك فى معتقدهم أنه لون من الضلال .
وإنما استدل على بطلان كون القمر إلها بعد أفوله ، ولم يستدل على بطلان ذلك بمجرد ظهوره مع أن أفوله محقق ، لأنه أراد أن يقيم استدلاله على المشاهدة لأنها أقوى وأقطع لحجة الخصم .
{ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا } أي : طالعا { قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي } أي : هذا المنير{[10921]} الطالع ربي { هَذَا أَكْبَرُ } أي : جرمًا من النجم ومن القمر ، وأكثر إضاءة . : { فَلَمَّا أَفَلَتْ } أي : غابت ، { قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ }
القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَمّآ رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هََذَا رَبّي فَلَمّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لّمْ يَهْدِنِي رَبّي لأكُونَنّ مِنَ الْقَوْمِ الضّالّينَ } . .
يقول تعالى ذكره : فلما طلع القمر فرآه إبراهيم طالعا وهو بزوغه ، يقال منه : بزغت الشمس تبزُغ بُزوغا إذا طلعت ، وكذلك القمر . قالَ هَذَا رَبي فَلَمّا أفَلَ يقول : فلما غاب ، قالَ إبراهيم : لَئنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبي ويوفقني لإصابة الحقّ في توحيده لأَكُوننّ مِنَ القَوْمِ الضّالّينَ : أي من القوم الذين أخطئوا الحقّ في ذلك ، فلم يصيبوا الهدى ، وعبدوا غير الله . وقد بينا معنى الضلال في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
قوله : { فلمّا رأى القمر بازغاً } الخ عطف على جملة محذوفة دلّ عليها الكلام . والتقدير : فطلع القمر فلَّما رآه بازغاً ، فحذفت الجملة للإيجاز وهو يقتضي أنّ القمر طلع بعد أفول الكوكب ، ولعلّه اختار لمحاجّة قومه الوقت الذي يغرب فيه الكوكب ويطلع القمر بقرب ذلك ، وأنَّه كان آخر اللَّيل ليعقبهما طلوع الشمس .
وأظْهِر اسمُ { القمر } لأنَّه حذف معاد الضمير . والبازغ : الشارق في ابتداء شروقه ، والبُزُوغ ابتداء الشروق .
وقوله { هذا ربِّي } أفاد بتعريف الجزأين أنَّه أكثر ضوءاً من الكوكب فإذا كان استحقاق الإلهية بسبب النّور فالذي هو أشدّ نوراً أولى بها من الأضعف . واسم الإشارة مستعمل في معناه الكنائي خاصّة وهو كون المشار إليه مطلوباً مبحوثاً عنه كما تقدّم آنفاً .
وقوله : { فلَّما أفل قال لَئن لم يهدني ربِّي لأكونَنّ من القوم الضالِّين } قصد به تنبيه قومه للنظر في معرفة الربّ الحقّ وأنَّه واحد ، وأنّ الكوكب والقمر كليهما لا يستحقَّان ذلك مع أنَّه عَرّض في كلامه بأنّ له ربّا يهديه وهم لا ينكرون عليه ذلك لأنَّهم قائلون بعدّة أرباب . وفي هذا تهيئة لنفوس قومه لما عزم عليه من التصريح بأنّ له ربّاً غير الكواكب . ثم عَرّض بقومه أنَّهم ضالّون وهيّأهم قبل المصارحة للعلم بأنَّهم ضالّون ، لأنّ قوله : { لأكونَنّ من القوم الضالّين } يُدخِل على نفوسهم الشكّ في معتقدهم أن يكون ضلالاً ، ولأجل هذا التعريض لم يقل : لأكوننّ ضالاّ ، وقال { لأكوننّ من القوم الضالّين } ليشير إلى أنّ في النَّاس قوماً ضالّين ، يعني قومه .
وإنَّما تريَّث إلى أفول القمر فاستدلّ به على انتفاء إلهيته ولم ينفها عنه بمجرّد رؤيته بازغاً مع أنّ أفوله محقّق بحسب المعتاد لأنَّه أراد أن يقيم الاستدلال على أساس المشاهدة على ما هو المعروف في العقول لأنّ المشاهدة أقوى .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{فلما} كان آخر الليل، {رأى القمر بازغا}: طالعا أعظم وأضوأ من الكواكب، {قال هذا ربي}، وهو ينظر إليه، {فلما أفل}: غاب، {قال لئن لم يهدني ربي} لدينه. {لأكونن من القوم الضالين} عن الهدى.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
فلما طلع القمر فرآه إبراهيم طالعا وهو بزوغه، يقال منه: بزغت الشمس تبزُغ بُزوغا إذا طلعت، وكذلك القمر. "قالَ هَذَا رَبي فَلَمّا أفَلَ": فلما غاب، قالَ إبراهيم: "لَئنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبي "ويوفقني لإصابة الحقّ في توحيده "لأَكُوننّ مِنَ القَوْمِ الضّالّينَ": أي من القوم الذين أخطأوا الحقّ في ذلك، فلم يصيبوا الهدى، وعبدوا غير الله.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{بَازِغاً} مبتدئاً في الطلوع {لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبّى} تنبيه لقومه على أنّ من اتخذ القمر إلها وهو نظير الكوكب في الأفول، فهو ضال، وأنّ الهداية إلى الحق بتوفيق الله ولطفه.
المسألة الأولى: يقال: بزغ القمر إذا ابتدأ في الطلوع، وبزغت الشمس إذا بدأ منها طلوع. ونجوم بوازغ. قال الأزهري: كأنه مأخوذ في البزغ وهو الشق كأنه بنوره يشق الظلمة شقا، ومعنى الآية أنه اعتبر في القمر مثل ما اعتبر في الكوكب.
المسألة الثانية: دل قوله: {لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين} على أن الهداية ليست إلا من الله تعالى. ولا يمكن حمل لفظ الهداية على التمكن وإزاحة الأعذار ونصب الدلائل. لأن كل ذلك كان حاصلا، فالهداية التي كان يطلبها بعد حصول تلك الأشياء لا بد وأن تكون زائدة عليها.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما بصرهم قصور صغير الكواكب، رقي النظر إلى أكبر منه، فسبب عن الإعراض عن الكواكب لقصوره قولَه: {فلما رأى القمر بازغاً} أي طالعاً أول طلوعه {قال هذا ربي} دأبَه في الأولى.
ولما كان تأمل أن الكوكب محل الحوادث بالأفول قد طرق أسماعهم فخالج صدورهم، قال: {فلما أفل قال} مؤكداً غاية التأكيد {لئن لم يهدني ربي} أي الذي قدر على الإحسان إليّ بالإيجاد والتربية لكونه لا يتغير ولا شريك له بخلق الهداية في قلبي، فدل ذلك على أن الهداية ليست إلى غيره، ولا تحمل على نصب الأدلة، لأنها منصوبة قبل ذلك، ولا على معرفة الاستدلال فإنه عارف به {لأكونن} أي بعبادة غيره {من القوم الضالين} فكانت هذه أشد من الأولى وأقرب إلى التصريح بنفي الربوبية عن الكواكب وإثبات أن الرب غيرها، مع الملاطفة وإبعاد الخصم عما يوجب عناده.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{فلما رءا القمر بازغا قال هذا ربي}: أي فلما رأى القمر طالعا من وراء الأفق أول طلوعه قال: هذا ربي، على طريق الحكاية لما كانوا يقولون تمهيدا لإبطاله كما تقدم، وقد استعملت العرب هذا الحرف في التعبير عن ابتداء طلوع النيرات وأول طلوع الناب. وفي بزغ البيطار والحاجم للجلد وهو تشريطه بالمبزغ، ولذلك قالوا إن معنى البزغ الشق فالنيرات تشق الظلام بطلوعها، وجعله بعضهم تشبيها بشق الناب والسن للثة وشق البيطار والحجام للجلد. والظاهر أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم رأى الكوكب في ليلة ورأى القمر في الليلة التالية لها كما يؤخذ من العطف بالفاء وذلك أنه لا فاصل بين ليلة وأخرى إلا النهار وهو ليس بمظهر للكواكب والقمر فكأنه غير فاصل. ويحتمل أن يكون قد رأى الكوكب والقمر في ليلة واحدة وإذا كانت هذه الليلة هي التي رأى الشمس في أول نهارها- وهو المتبادر- وجب أن يكون رأى الكوكب في أول الليل هاويا للغروب وبعد أفوله بقليل بزغ القمر، وأن ذلك كان في وسط الشهر، وأنه سهر مع بعض قومه الليل كله حتى أفل القمر في آخره، وكثيرا ما يفعل الناس هذا ولا سيما في الليالي البيض ولو لم يكن لهم غرض ديني أو علمي منه.
وقد يتصور وقوع ذلك في بعض الليالي القليلة من السنة كالليلة الخامسة عشرة من شهر رجب من سنتنا هذه (سنة 1336) فإن الشمس تغرب فيها عن أفق مصر الساعة 6 والدقيقة 28 ويطلع القمر بعد غروبها بعشرين دقيقة وفي هذه المدة يحتمل أن يرى بعض السيارات أو نحوها من النجوم المشرقة الممتازة كالشعرى هاويا للغروب ويغرب بعدها بربع ساعة ويغرب القمر في تلك الليلة بعد انتهاء الساعة الرابعة بدقيقتين من صبيحتها وتشرق الشمس بعد غروبه بأربع عشرة دقيقة. ولكن يعكر على هذا أنه لا يظهر فيه جن الليل وهو إظلامه. وإنما يتعين تصوير وقوع ما ذكر في مثل هذه الليلة من الشهر، والقمر بدر، والشمس في الدرجة الخامسة من برج الثور، إذا تعين أنه لا يجوز وصف القمر والشمس بالبزوغ إلا في أول طلوعهما من وراء أفق القطر كله، وقد يقال إن هذا غير متعين بالوصف وإنه يجوز أن يقال: رأيت القمر بازغا ولو بعد طلوعه بساعات كما يقال: رأيت ناب البعير بازغا بعد طلوعه بأيام.
ثم إن البزوغ والغروب منهما ما هو حقيقي عرفا وما هو نسبي، فمن كان في مكان مطمئن أو محاط بالبنيان والشجر يبزغ عليه القمر والشمس بعد بزوغها في أفق قطره، ويغربان عنه قبل غروبهما عن ذلك الأفق، وقد يكون في مكان يحجب مشرقه ما ذكر دون مغربه وبالعكس فيختلف البزوغ والغروب باختلاف ذلك. وبهذا يتسع مجال احتمال وقوع ما ذكر في ليلة واحدة وصبيحتها بغير تكلف. والكلام في الآيات مرتب على رؤية الكوكب رؤية غير مقيدة بحال ولا وصف وعلى رؤية القمر والشمس بازغين لا على بزوغهما، فالأول يصدق برؤيته قبيل الغروب في أول جنون الليل، والآخران يصدقان بالرؤية في حال البزوغ النسبي. وقد غفل عن هذه الدقة في تعبير التنزيل من زعم أن رؤية ما ذكر لا يتصور وقوعه في ليلة واحدة وصبيحتها، ومن فرض لذلك وجود حال في ذلك المكان الخالي من الجبال.
{فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (77)} أي فلما أفل القمر كالكوكب، وهو أكبر منه منظرا وأبهى نورا في الأرض، قال مسمعا من حوله من قومه: لئن لم يهدني ربي الذي خلقني إلى العبادة التي ترضيه بإعلام خاص من لدنه لأكونن من القوم الضالين عما يجب أن يعبد به فيتبعون فيه أهواءهم واجتهادهم فلا يكونون عابدين له بما يرضيه ولا يقتضي أن كل ضال يعبد الأصنام أو الكواكب بل هذا تعريض آخر بضلال قومه يقرب من التصريح وإرشاد إلى توقف هداية الدين على الوحي الإلهي.
قال ابن المنير في الانتصاف: والتعريض بضلالهم ثانيا أصرح وأقوى من قوله «لا أحب الآفلين» وإنما ترقى في ذلك لأن الخصوم قد قامت عليهم بالاستدلال الأول حجة فأنسوا بالقدح في معتقدهم ولو قيل هذا في الأول فلعلهم كانوا يفرون ولا يصغون إلى الاستدلال، فما عرض صلوات الله عليه بأنهم في ضلالة إلا بعد أن وثق بإصغائهم إلى إتمام المقصود واستماعه إلى آخره، والدليل على ذلك أنه ترقى في النوبة الثالثة إلى التصريح بالبراءة منهم، والتقريع بأنهم على شرك بين، ثم قيام الحجة عليهم، وتبلج الحق وبلغ من الظهور غاية المقصود اه وذلك قوله عز وجل: {فلما رءا الشمس بازغة قال هذا ربي}.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
قوله: {فلمّا رأى القمر بازغاً...} عطف على جملة محذوفة دلّ عليها الكلام. والتقدير: فطلع القمر فلَّما رآه بازغاً، فحذفت الجملة للإيجاز وهو يقتضي أنّ القمر طلع بعد أفول الكوكب، ولعلّه اختار لمحاجّة قومه الوقت الذي يغرب فيه الكوكب ويطلع القمر بقرب ذلك، وأنَّه كان آخر اللَّيل ليعقبهما طلوع الشمس.
وأظْهِر اسمُ {القمر} لأنَّه حذف معاد الضمير. والبازغ: الشارق في ابتداء شروقه، والبُزُوغ ابتداء الشروق.
وقوله {هذا ربِّي} أفاد بتعريف الجزأين أنَّه أكثر ضوءاً من الكوكب فإذا كان استحقاق الإلهية بسبب النّور فالذي هو أشدّ نوراً أولى بها من الأضعف. واسم الإشارة مستعمل في معناه الكنائي خاصّة وهو كون المشار إليه مطلوباً مبحوثاً عنه كما تقدّم آنفاً.
وقوله: {فلَّما أفل قال لَئن لم يهدني ربِّي لأكونَنّ من القوم الضالِّين} قصد به تنبيه قومه للنظر في معرفة الربّ الحقّ وأنَّه واحد، وأنّ الكوكب والقمر كليهما لا يستحقَّان ذلك مع أنَّه عَرّض في كلامه بأنّ له ربّا يهديه وهم لا ينكرون عليه ذلك لأنَّهم قائلون بعدّة أرباب. وفي هذا تهيئة لنفوس قومه لما عزم عليه من التصريح بأنّ له ربّاً غير الكواكب. ثم عَرّض بقومه أنَّهم ضالّون وهيّأهم قبل المصارحة للعلم بأنَّهم ضالّون، لأنّ قوله: {لأكونَنّ من القوم الضالّين} يُدخِل على نفوسهم الشكّ في معتقدهم أن يكون ضلالاً، ولأجل هذا التعريض لم يقل: لأكوننّ ضالاّ، وقال {لأكوننّ من القوم الضالّين} ليشير إلى أنّ في النَّاس قوماً ضالّين، يعني قومه.
وإنَّما تريَّث إلى أفول القمر فاستدلّ به على انتفاء إلهيته ولم ينفها عنه بمجرّد رؤيته بازغاً مع أنّ أفوله محقّق بحسب المعتاد لأنَّه أراد أن يقيم الاستدلال على أساس المشاهدة على ما هو المعروف في العقول لأنّ المشاهدة أقوى.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
(لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) أقسم أنه أصبح في حاجة إلى هداية من ربه يهتدي بها إلى هذا الديجور، فاللام لام القسم، واللام الأخيرة في جوابه، وأكد أنه يكون من الضالين الذين لا سبيل عندهم إلى الهداية على الحق في الألوهية إن لم يهده ربه الذي لا يعرفه ويريد أن يعرفه. وإن هذا الكلام يدل على أنه يعلم أنه له ربا هو الذي أنشأه ورباه، ويقوم على حفظه وصيانته، ولكن ما هو؟ لقد تلمسه في كوكب ساطع من الكواكب في دجنة الليل البهيم كاهل بلده، فلم يجده، وتلمسه في القمر فلم يجده، فاتجه طالبا الهداية إليه، وإن كان لم يعرفه في النجوم. ثم عاوده طلب المعرفة في الشمس الساطعة التي هي ضياء الوجود وتمده بالدفء والحرارة.